عقدة تواجه العرب اسمها شارون

TT

على الأقل هذا ما يعتقد به كثير من الاسرائيليين. في ظنهم ان شارون وحده يتحدث اللغة التي يفهمها العرب، اما سياسيون امثال ايهود باراك وشيمون بيريس فليسوا الا خيبة كبيرة في التخاطب مع العرب.

لهذا يجب الا يكسب شارون حربه الدعائية بأن «رض» عظام العرب المشاكسين هو الحل. ولو نجح فان كل ما تحقق في السنة الماضية معرض للتبخر. يجب الا يكسب شارون سياسة القوة والا فانها ستكون السياسة الدائمة لكل الحكومات الاسرائيلية المقبلة. يجب الا يكسبها والا فان لغته ستعتبر سياسة فعالة في نظر اطراف توسطت وفشلت، مثل الولايات المتحدة والمجموعة الاوروبية. وبالتأكيد يجب الا تمر جرائمه من دون عقاب والا سنعيش في حالة لطم مستمرة في كل مرة نختلف فيها مع الاسرائيليين على الارض او على طاولة المفاوضات.

على المجتمع الاسرائيلي، وخاصة اولئك الذين يروجون لسياسة العصا الغليظة، ان يدرك انها لن تحقق له اكثر مما كسبه سلميا على طاولة المفاوضات. ومن الطبيعي ان نخشى ان تفعل الآلة العسكرية الاسرائيلية الضخمة فعلها فتخمد همم الذين سلكوا طريق المواجهة، ولو فعلت ستحدث اعظم ضرر للقضية العربية. مع هذا لا احد يستطيع، وهو على بعد آلاف الاميال، ان يلوم الانسان الفلسطيني المحاصر في داخل ارضه مهما قرر حربا او سلما وهو يواجه حربا غير متكافئة. ومن المؤكد ان نتائج المواجهة الحاضرة ستكون مهمة جدا، فإما ان يفشل شارون فتفرز تفاوضا افضل تتحقق بعده الدولة الفلسطينية بأرضها وسكانها واستقلاليتها او ان تكسب عصا شارون فتفرز هياكل تنظيمية مهزوزة ضعيفة بلا حل للأزمة الجديدة ومتراجعة عما حققته من قبل. وشارون محق في تصوره انه في وضع افضل عما كان عليه في التعامل مع الجنوب اللبناني. فالسلطة الفلسطينية وأهالي غزة وبقية مدن الضفة المحتلة محاصرون سكانيا وجغرافيا ومعزولون عن اي امدادت كبيرة على الأرض، بعكس ما كان الوضع عليه في الجنوب عندما كان محتلا، حيث كان مهيأ للتمويل السوري والدعم الايراني من الداخل ومحاصرة الاسرائيليين من الخارج من قبل قوة حزب الله الضاربة على الدوام مهما قُصفت من الأرض او الجو.

اما محاصرة الفلسطينيين فهي بلا شك اهون على شارون من قطع الحياة عن جنوب لبنان، فمفاتيح التحكم في حياة الفلسطينيين في يده، من امدادات المياه والكهرباء والطرق. هذا من الداخل اما من الخارج فالاراضي المحتلة معزولة عربيا وسكانها محاصرون في ظل سياسة منع النزوح الى اي مكان آخر بعد ان فاضت الاراضي المجاورة بلاجئي الحروب القدامى وسدت الدول العربية الجسور والطرق في وجه أي نزوح جديد. هذه الظروف متكاتفة تجعلنا نقلق من ترك شارون يمارس مشروعه العسكري السياسي دون ان يقف احد في وجهه.