أدب الأظافر الطويلة وخاب أمل الناس فيه

TT

بعد الحرب العالمية الأولى والثانية وبعد الثالثة ـ إن شاء الله ـ يتطلع الناس إلى السماء، لعل الله يبعث لنا بمن ينقذنا مما نحن فيه من ضياع، فقد انهارت كل النظريات وكل المبشرين بها، انهارت الشيوعية والنازية والفاشية، وفي تراب الانهيارات الفلسفية والنفسية، يخيل للناس أن فوق التراب ظهرت مواهب.. أن فوق السحاب الأسود راح قوس قزح يلمع، ويرسم أشكالا وأحجاما من الناس ومن الكائنات، هل هي حقيقة؟ هل هي وهم؟ هي وهم ولكن حاجتنا إلى من يعيننا على أنفسنا هي الحقيقة، فظهر أنبياء كاذبون وآلهة نصابون في أميركا وغيرها من البلاد، لقد وجدوا فراغا فملأوه كذبا، ووجدوا قواعد لتماثيل اختفت فوقفوا على هذه القواعد وقالوا: أنا ربكم الأعلى، وانحنى الناس وركعوا وسجدوا، فلديهم استعداد للإيمان بالخرافة، مجانين؟ ليسوا مجانين، وإنما الضياع والدمار النفسي والخراب العقائدي، والحاجة على مرشد وإلى من يهديهم سواء السبيل، فظهر النصابون والأفاقون.

ففي أميركا ظهر طفل في برنامج يشبه برنامج (من سيربح المليون) يجيب عن أسئلة خرافية، مثلا: كم عدد أرجل النمل على جبل الهملايا يوم 23 من يناير الماضي، وبسرعة يرد الطفل وصاحب البرنامج يصرخ لأن هذا صحيح، ثم يعود يسأله: كم عدد الدموع التي ذرفها المسيحيون الطيبون يوم صلب المسيح، فيرد الطفل، والمذيع يصرخ: إن الرقم صحيح. ويسأله مرة أخرى كم عدد دقات قلبك منذ وجهت إليك أول سؤال، ويجيب الطفل والمذيع والناس يصرخون: معجزة.

وفجأة يقف المذيع ويلفت الأنظار والأسماع إلى السؤال الأخير الفاصل في هذه المباراة المستحيلة. يقول المذيع: قل لي أيها الطفل إذا اشتعلت النار في غابات الأمازون وكانت درجة حرارتها مائة وخمسين مئوية لمدة عشرين ساعة و15 دقيقة وثانية واحدة فكم عدد الأوراق التي احترقت؟

وبسرعة يقول الطفل: العدد واحد وأمامه 17 صفرا! ويصرخ المذيع والناس ويطلبون من السماء أن ترحمهم.

وظل هذا البرنامج سنة، كسب فيها الطفل الملايين والناس يتساءلون ماذا يأكل هذا الطفل وماذا يشرب، ما صفات أبيه وأمه، وإن كان من الممكن أن تتكرر هذه المعجزة في مجال آخر.

وفجأة انكشف الطفل، فليس معجزة وإنما صاحب البرنامج اتفق معه على الإجابة واقتسام الملايين!.. وخاب أمل وأحلام الناس!