الطراطير والصراصير

TT

اعترفت كوندوليزا رايس بأن الامريكان اقترقوا الف غلطة في العراق. ولكنها لم تذكر لنا اي شيء عن ماهية هذه الاخطاء. بيد انني اعتقد ان في مقدمتها تأتي غلطة اعطاء العراقيين منحة الديمقراطية قبل اعدادهم لها، فالديمقراطية تتطلب التمرين كركوب الدراجات واكل السباغيتي.

اعتقد كان على الامريكان أولاً ان يبعثوا بمجموعة من العراقيين الائتلافيين الى بلجيكا ليتدربوا على العملية الديمقراطية واحترام رأي الآخرين. سيتساءل القارئ، ولكن لماذا الى بلجيكا وليس لبريطانيا ام البرلمان أو لامريكا ابنتها العاقة؟ دفعني لاختيار بلجيكا التقرير الذي قرأته مؤخراً بأن فريقاً من العلماء البلجيكيين قد اكتشفوا ان الصراصير هناك تحيا حياة ديمقراطية وتمارس الحوار المدني فيما بينها بملامسة شواربها، وهذا شيء يرشحها لتدريب هذه الفئات من العراقيين الذين يتميزون بشواربهم الطويلة والغزيرة. يستطيعون ان يتعلموا منها استعمال الشوارب في الحوار واتخاذ القرارات.

هذا شيء مهم. فبعد أن عجز القوم عن تعلم الديمقراطية من بني الانسان، لعلهم الآن يتعلمونها من بني الصرصور. وهناك كثير من الصفات المشتركة. فبالاضافة للشوارب الصرصورية نجد ان الصراصير ايضاً لا تجيد القراءة والكتابة ولكنها رغم أميتها تتوصل على الاكثر إلى قرارات حكيمة وناجحة. لم اسمع طيلة حياتي عن صرصور يخطب صرصوراً آخر، أو يسأله عن اسمه ثم يقتله. لا أدري اذا كان أحد القراء الافاضل قد سمع عن صرصور فعل مثل ذلك.

هذه اعمال يقوم بها الطراطير وليس الصراصير.

وهذا كلام يجرني لموضوع السفينة البحرينية التي غرقت. ما زالت التحقيقات جارية ولكنني استطيع ان اسبقها فأقول: ان هذه السفينة قد غرقت لأن ملاحيها قد انتخبوا قبطانها بالاقتراع السري. اقول ذلك اعتماداً على ما كتبه افلاطون عن الديمقراطية. قال انها تعطي نفس النتيجة اذا كان الربان ينتخبه الملاحون وكان كل قرار يتخذه يخضع لمناقشتهم ورأيهم.

لقد أصبح الجهلة والمتخلفون والرجعيون والأميون يهددون مستقبل الديمقراطية في الشرق الأوسط الآن. لا بد من وضع معايير لها. وهو شيء ذكرته من قبل. لا بد من اشتراط حد ادنى من التعليم والثقافة في الناخب والنائب، لا يوجد مثل هذا الشرط في الدول الغربية لأنها تطبق التعليم الالزامي الى مستوى الدراسة الثانوية على كل المواطنين، لا يوجد عندهم اميون مثلما يوجد عندنا على كل المستويات. اميون لا يقرأون ينتخبون متخلفين. هل من مسبة للديمقراطية اكثر من ذلك.