أكثر من مواجهة

TT

تصريح وزير الداخلية السعودي «بوجود مجموعة من مؤيدي وممولي الفئة الضالة في السعودية بقبضة الأمن» هو بمثابة الافصاح عن أمر طالما تم التحدث عنه همسا وفي مجالس ومناسبات مختلفة. فوجود ظاهرة التأييد المعنوي والدعم المالي للفئة الارهابية الموجودة بات أمرا محسوما وخصوصا أن دورهم بات بمثابة الدم والاكسجين للأورام السرطانية، عليه فان الحرب على الارهاب بات من المفروض أن تتم على صعيد الدعم الفكري والمالي بنفس ضراوة المواجهات العسكرية.

وليس أبلغ وصفا للحالة الدقيقة التي يمر فيها الصراع والمواجهة مع هذا الفكر الباغي والضال إلا الاستمرار في القبض على أعداد جديدة منهم وترسانات السلاح المعقد التي عادة ما توجد بحوزتهم ناهيك عن ارتال الأموال التي توجد معهم أيضا. أذكر أنه بعد أسابيع قليلة من أحداث الحادي عشر من سبتمبر قام الصحافي المتألق من يومه ورئيس تحرير «الشرق الأوسط» اليوم العزيز طارق الحميد بعقد سلسلة من الندوات عن مواضيع مختلفة تخص تشخيص الحالة التي تمر بها السعودية مع الغرب والتطرف وتناول مواضيع شملت السياسة والاقتصاد والاعلام والجمعيات الخيرية، وتشرفت بالمشاركة فيها جميعا وكان التناول الذي حدث لهذه المواضيع بصدق وصراحة غير مسبوقة بأي مقياس في الاعلام السعودي حتى أن المشاركين كانوا يتلفتون يمينا ويسارا غير مصدقين أن ما قالوا سيسمح بنشره والتعليق عليه ومن بعدها «كرت المسبحة» كما يقول المثل وفتحت أبواب للنقد والتقييم وتقديم الفكرة والآراء لما كان محظورا الحديث فيه أو عنه.

ولكن المشوار لم ينته للآن وتصريح وزير الداخلية السعودي الأخير يؤكد أن المشوار مستمر وأن هناك مسائل شائكة لم تحسم بعد وهي التي لا تزال تمكن هذه الفرقة من زرع وحصاد وجني ثمار التطرف، فالارض لا تزال خصبة لهذه الافكار المسمومة.

نعم إن الحديث لم ينته بعد فالتطرف والغلو والارهاب ما زالت بخير وما زالت قادرة على الحصول على الدعم المطلوب والعون المشهود. هل لا يزال التعامل مع قضية التطرف غير حاسم مثلما يتم معه أمنيا؟ هل هناك تكلفة مطلوب دفعها لمواجهة هذا الموضوع من جذوره لازالة السموم العالقة بباطن التربة نفسها؟ لم يعد الموضوع له علاقة بفلسطين، أو اخراج الكفار من جزيرة العرب أو تحرير العراق أو غيرها من «نكهات» الشهر التي تروج لصالح كل حملة وكل عملية ارهابية تحدث ولكن الموضوع له علاقة بفكر أسس على ذلك ويرى مريدوه أن فيه خيرا وصلاحا والاسلام منه براء.

[email protected]