مؤتمر الحوار اللبناني: قرارات على طريقة.. يا حصرماً...!

TT

هكذا فورا؟

من اللقاء الذي وصفته سوريا بأنه «مجرّد مصافحة» في الخرطوم بين الرئيسين بشّار الأسد وفؤاد السنيورة، إلى استقبال رسمي للسنيورة في دمشق وزيارة تبحث في ترسيم الحدود والعلاقات والسفارات بعد أقل من أسبوعين؟.

أنتم تحلمون أيها السادة في بيروت. أما الرئيس السنيورة فمن الواضح تقريبا أنه قد يزور الشرق والغرب قبل أن تفتح أمامه بوابة العاصمة السورية..

وعلى هذا الأساس الثابت حتى الآن، يمكن إدراج مقررات «مؤتمر الحوار الوطني» اللبناني التي أقرّت بالإجماع والمتصلة بسوريا، على أنها من فئة «يا حصرما رأيته...».

وقبل الحديث عن هذه المقررات، قد يكون من المفيد أن يتأمل المرء في الكلام الذي يُنشر في العاصمة اللبنانية لشرح وجهة نظر سوريا، حيث قيل في نهاية الأسبوع الماضي، ان ليس هناك ما يدعو إلى استعجال زيارة السنيورة، إذ يجب درس جدول الأعمال أولاً، ثم أن الحوار اللبناني لم يحسم بعد كامل محاوره حتى يمكن لطرف أن يتحدث نيابة عنه باقي الأطراف.

وحيث قيل قبل أيام هذا الأسبوع، ما معناه أن جدول أعمال أي زيارة يقوم بها السنيورة إلى دمشق، يفترض أن يوافق عليه الرئيس اميل لحود، وان البحث في هذا الجدول منوط بالمجلس الأعلى اللبناني ـ السوري، الذي يضع المفاتيح في يد لحود المستبعد عن طاولة الحوار الوطني أصلا، وتريد دمشق أن تعطيه الآن دورا تقريريا يتجاوز مؤتمر الحوار.

قيل هذا مشفوعا بأسئلة منها على سبيل المثال:

بأي صفة سيزور السنيورة دمشق؟ باعتباره رئيسا لكتلة الأكثرية في البرلمان (هل يشكل هذا دعوة ضمنية للنائب سعد الحريري رئيس كتلة تيار المستقبل وزعيم الأكثرية النيابية؟)، أم باعتباره ممثلا لنتائج الحوار الذي لم يكتمل بعد؟.

وبغض النظر عن هذه الأسئلة ـ الأجوبة، فإن الملفات التي تتضمن المقررات الإجماعية لمؤتمر الحوار اللبناني والتي بحثها نصري خوري، أمين عام المجلس الأعلى اللبناني ـ السوري، مع رئيس الحكومة السورية محمد ناجي عطري، ونائب الرئيس فاروق الشرع، هذه الملفات وجدت ردودا يمكن من خلالها فهم الموقف السوري جيدا:

أولا: في موضوع ترسيم أو تحديد خارطة مزارع شبعا، ترى دمشق أنها أعلنت أن المزارع لبنانية. وأنها سواء كانت لبنانية أو سورية فإنها واقعة تحت الاحتلال الإسرائيلي، أما «إذا كان الهدف نزع سلاح المقاومة، فهذا يعني استهداف المقاومة واستهدافنا».

ولكن من قال ان الهدف هو نزع هذا السلاح، والمقاومة نفسها كانت ممثلة في الحوار، الذي كلف السنيورة بحث مسألة لبنانية مزارع شبعا مع سوريا، وفقا لمتطلبات القانون الدولي، والأمم المتحدة؟!

ثانيا: في مسألة العلاقات وتبادل السفراء. يكفي أن يقرأ المرء تصريحات وزير الخارجية السورية وليد المعلم إلى وكالة «رويترز»، لكي يكتشف مثلاً أن دمشق ترى أن ما بين البلدين هو أرقى من العلاقات وأعمق وأمتن، «شعب واحد في بلدين» مثلا:

«ان قنوات الاتصال متطورة بما يكفي لجعل فتح السفارة غير ضروري (...). ان مثل هذه الخطوة سابقة لأوانها (...). ما بين البلدين يتجاوز مسألة العلاقات الديبلوماسية».

إذا متى يستطيع الإجماع اللبناني في مؤتمر الحوار أن يفهم أن «المؤسسات القائمة» بين البلدين أهم من موضوع السفارتين التقليدي؟

وبالتالي ما هي الحاجة الآن إلى زيارة يقوم بها رئيس الحكومة اللبنانية إلى دمشق مطالبا بترتيب قيام علاقات ديبلوماسية وتبادل السفراء؟.

بالنسبة إلى سوريا، ليس هناك ما يستدعي الاستعجال إن في ما يتعلق باستقبال السنيورة، أو في ما يتعلق بمقررات الإجماع اللبناني.

ثالثا: في مسألة السلاح الفلسطيني خارج المخيمات. لم يحاول الأمين العام للجبهة الشعبية ـ القيادة العامة، أحمد جبريل، ربط إزالة هذا السلاح بإنجاز سلّم التحسين الاجتماعي للفلسطينيين فحسب، بل قيل انه حمل «رسالة سورية» ترفض البحث في نزع سلاح المخيمات والمواقع خارج المخيمات مقابل عرض أو تعهد بعدم خروج هذا السلاح خارج المخيمات.

ماذا بعد؟.

عندما تتحدث دمشق عن استعادة الثقة بين البلدين وضرورة العودة إلى العلاقات الجيدة، فإن ذلك يشكّل رسالة في اتجاهين:

أولا: في اتجاه قرارات الإجماع اللبناني المتصلة بها والتي تبدو بمثابة شيكات مسحوبة على القرار السياسي السوري، وثانيا في اتجاه العرب والمبادرات العربية حيث نُسب إلى الأمين العام للجامعة العربية عمرو موسى كلام على هامش قمة الخرطوم يقول:

«ان لدى الأخوة السوريين حساسية مفرطة تجاه تدخّل أي طرف خارجي، سواء أكان شقيقا أو صديقا، في ملف تعتبر دمشق أنه يخصها وحدها في اللبنانيين».

إذا، هل نغالي إذا قلنا تكرارا أن قرارات مؤتمر الحوار الوطني الإجماعية المتصلة بسوريا، هي تماما مثل قصة ذلك الفلاح الشاب، الذي اتفق مع والده على الزواج بابنة الملك، ولكن لم يكن تنقصه إلا موافقة العروس؟.

والعروس السورية لها طعم الحصرم!