عن الرئيس بوش: فعلها وسيفعلها مرة ثانية..!

TT

ما زال هناك كثيرون من الذين يعتقدون ان الرئيس جورج بوش لا يمكن ان يضلل متعمدا الاميركيين فيما يتعلق بقضايا الحرب والسلام. والآن هناك من يحذر من ان بوش ربما يكون بصدد التفكير في حرب اخرى، إذ جاء ابرز هذه التحذيرات من الصحافي الاميركي المخضرم سيمور هيرش، الذي كشف فضيحة سجن ابو غريب. وكان هيرش قد كتب مقالا في صحيفة The New Yorker ذهب فيه الى ان مسؤولين في إدارة الرئيس بوش يعتقدون ان حملة قصف مركزة ضد ايران، يمكن انت تؤدي الى تغيير النظام الحاكم هناك، كما اورد ايضا ان هؤلاء المسؤولين لا يستبعدون استخدام اسلحة نووية تكتيكية. هناك ايضا من يرى ان «الرئيس لا يفعل ذلك». ولكن وبما اننا اصبحنا الآن نعرف الأسباب الحقيقية لحرب العراق، فإنه ليس من العقل في شيء استبعاد احتمال شن بوش حربا اخرى غير ضرورية. الإشاعات التي تدور حاليا حول نشوب حرب جديدة تتزامن مع ظهور ادلة تثبت فيما يبدو أسوأ الشكوك حول الحرب التي دخلناها مسبقا.

اولا، اتضح الآن اكثر من أي وقت مضى ان بوش، الذي ما زال يزعم ان الحرب مع العراق كانت بمثابة آخر الخيارات. فقد اكدت صحيفة «نيويورك تايمز» صحة وثيقة الحكومة البريطانية التي تتحدث عن مناقشة جرت قبل الحرب بين الرئيس جورج بوش ورئيس الحكومة البريطانية توني بلير، وهو الحديث الذي ابلغ فيه بوش بلير بأنه مصمم على غزو العراق، حتى اذا توصل مفتشو الامم المتحدة الى عدم حيازة العراق على اسلحة للدمار الشامل.

ثانيا، بات من الواضح ايضا ان بوش كان يعرف عن القضية التي برر بها الحرب على العراق، وهي قضية تركزت حجتها الأساسية حول رؤية سحب ادخنة نووية ـ كانت قائمة اصلا على شكوك وليس أدلة. ففي خطابه حول حالة الاتحاد عام 2003، أشار بوش الى شراء العراق أنابيب ألمنيوم كدليل واضح على ان صدام يحاول الحصول على ترسانة نووية. وكان الصحافي موراي واس قد كتب مقالا في «ناشونال جورنال» اورد فيه ان بوش اُبلغ بأن كثيرا من محللي الاستخبارات لا يتفقون مع هذا التقييم. تدور الآن إشاعات حول خطط لمهاجمة ايران عسكريا. وفي هذا السياق ترى غالبية المحللين ان أي حملة قصف يمكن ان تؤدي الى خطأ كارثي. إلا أن ذلك لا يعني ان هذه الحملة لن تحدث، ذلك ان بوش تجاهل تحذيرات مماثلة، بما في ذلك تحذير من والده حول مخاطر غزو العراق. ويرى جوزيف سيرينسيون، من مؤسسة كارنيغي للسلام العالمي، ان الادارة الاميركية تتبع ازاء ايران نفس الخط الذي اتبعته تجاه العراق.السؤال الذي يطرح نفسه الآن: لماذا يريد بوش حربا ثانية؟ ربما يكون السبب الاساسي اعتقادا من جانب بوش في ان نجاحه في تنفيذ هذه المهمة ربما تنقذ رئاسته التي باتت مرتبطة في الأذهان بمستنقع العراق. يحدث كل ذلك على خلفية استطلاعات للرأي تشير نتائجها الى احتمال سيطرة الديمقراطيين على مجلسي الشيوخ والنواب وإجرائهم تحقيقات مع سلطة اصدار اوامر بالحضور أمام المحاكم. يمكن ان يقود ذلك الى كشف النقاب عن عدة فضائح لإدارة بوش. ويرى محللون ان شن هجوم على ايران سيساعد بوش على النفاد بجلده من هذا الخطر، ذلك ان شن هجوم عسكري على ايران في توقيت مناسب من المحتمل ان يغير مجريات الأحداث في الساحة السياسية الاميركية على الصعيد الداخلي. ومن هنا يجب ألا نستبعد أي شيء، خصوصا في ظل التهور وعدم الأمانة من جانب بوش في شن الحرب على العراق، فلماذا يجب ان نفترض انه لن يكرر ذلك؟

*خدمة «نيويورك تايمز»