كسرا لحواجز الصمت: خريطة طريق نووية للمنطقة

TT

سواء كانت الخطوة الايرانية بامتلاك تقنية تخصيب اليورانيوم كبيرة ام صغيرة.. وسواء كانت مفاجئة للمجتمع الدولي أم لا... إلا ان المهم ان ايران نجحت في ما كانت تهدف اليه... والاهم من ذاك انها انجزت هذه الخطوة تحت اعين واشراف ورقابة الوكالة الدولية للطاقة النووية، وهذا يعني أنها لم تنتهك القوانين والمواثيق الدولية.

ايران وبهذه الخطوة وضعت المجتمع الدولي، بما في ذلك المجتمع الاقليمي، امام الامر الواقع... واقع امتلاك التقنية النووية وواقع رسمها لخريطة طريق مع هذا المجتمع، الذي لم يفرح للانجاز الايراني.

دوليا، ارتفعت الدعوات الصادرة من الكبار لإيقاف انشطة التخصيب، استجابة لبيان مجلس الامن الدولي، ومن الصعب ان نتصور موافقة ايرانية على هذه الدعوات، ما لم تكن في اطار اعتراف دولي بحق ايران في تخصيب اليورانيوم، استنادا الى المادة الرابعة من معاهدة الحظر النووي NPT.

اقليميا ـ وهو بيت القصيد ـ لم نسمع اي تعليق من دول المنطقة على الخطوة الايرانية، وكأن الامر لا يهمها، اللهم الا الرغبة في معرفة آلية رد المجتمع الدولي على الخطوة الايرانية.

بمعني آخر.. ربما تكتفي هذه الدول بالمواقف التي صدرت من الدول الكبرى، ايمانا منها بأن مثل هذه المواقف ربما تعبر عن رأيها! فلماذا العناء بكتابة موقف قد يعكر صفو العلاقات مع الجارة ايران التي هي في الاصل علاقات لا يحسد عليها!

فاذا تجاوزنا هذه الفرضية.. فمن حق هذه الدول ان تعترض على ايران.. لا لأنها امتلكت التقنية النووية ـ لان ذلك حق لها ـ بل لان مفاعل بوشهر النووي لا يبعد سوى امتار عن الضفة الاخرى من المياه الخليجية التي تصطف علي سواحلها عواصم المنطقة.

ومن حق هذه الدول ان تعترض لان متغيرات الجارة ايران تدخل في اطار الامن القومي لهذه الدول. ومن حق هذه الدول ايضا ان تطمئن الي ان نسبة تخصيب اليورانيوم سوف لن تزيد عن الاربعة بالمائة، بمعنى الا اسلحة نووية في القاموس الايراني.

واذا كان ذلك حقا... فمن واجب ايران ان تجيب عن هذه الاسئلة وتعطي تطمينات كافية، لا لبس فيها ولا غموض، ابتداء من اجراءات السلامة وانتهاء بقضية السلاح النووي.

لا ادري.. لماذا هذا السكوت الاقليمي حول ما يدور حولنا؟ لماذا لم تبادر الدول الاقليمية، بما في ذلك الدول الخليجية، الي طرح مشروع لجعل المنطقة خالية من السلاح النووي؟ ابتداء من اسرائيل وانتهاء بإيران... أم أن الامر ليس مهما لهذه الدرجة؟

ربما تشعر دول المنطقة بان طرح مثل هذا المشروع قد يصطدم بالعقبة الاسرائيلية التي تملك فعلا ترسانة من السلاح النووي. لكن السؤال: ألا يستحق مثل هذا الموضوع تكثيف الجهود من اجل البدء برسم «خريطة طريق نووية» لهذه المنطقة؟

* مدير المركز العربي للدراسات الإيرانية