عشت في جلابيب كثيرة!

TT

نعم، ولم يكن الهدف أن أتوارى أو أتنكر لأحد أو أنكر نفسي، ولكن جاء حين من الدهر كان لا بد أن أكتب كثيراً في وقت واحد، فكان من الصعب أن أكون رئيس التحرير لمجلة من المجلات وأكتب ثلاث أو أربع مقالات بإمضائي، ولذلك لجأت إلى أسماء مستعارة كثيرة.

فإذا كتبت مقالا صحافياً كان التوقيع: شريف شريف، وإذا كان عن الأزياء كان التوقيع: أحلام شريف، وإذا كان عن الرشاقة كان التوقيع: منى جعفر، وإذا تعرضت للمشاكل النفسية وحلولها كان التوقيع: هالة أحمد. وعندما كنت أعمل في مجلة «روز اليوسف» كان التوقيع هو: سيلفانا مأرييللي، والاسم حقيقي لصديقة في باريس، وقد تخصصت سيلفانا مأرييللي في أخبار الملك فاروق تتابعه أينما ذهب، فقط أخبار الملك فاروق في المطاعم والكباريهات وأخبار الراقصة المصرية سامية جمال، وأنا الذي أطلقت عليها لقب راقصة مصر الرسمية، وقد عاتبتني يرحمها الله بعد أن اعتزلت الرقص. وعندما أصدر الزميل الراحل حلمي سلام كتاباً عن (حرية الصحافة) في العهد الملكي ذكر كل ما نشرته «روز اليوسف» بقلم سيلفانا مأرييللي دليلاً على مساحة الحرية.

وعندما هاجم د. لويس عوض الصحافيين الشبان اختار سيلفانا مأرييللي التي ترجمت حواراً بين الأديب الكبير البرتو مورافيا والنجمة الإيطالية صوفيا لورين، ووضعت توقيعها على هذا الحديث، فالحديث لمورافيا وكانت سيلفانا قد ترجمته ونسبته لنفسها!

ثم تركت العمل في «روز اليوسف» إلى «أخبار اليوم» لخلاف بيني وبين صاحبتها السيد روز اليوسف بسبب أنني هاجمت ابنها احسان عبد القدوس الذي صار أعز أصدقائي، وهو الذي قدمني للصحافة في «روز اليوسف» وفي مجلة «الاثنين» وقال: ترقبوا هذا الشاب إنه العقاد وطه حسين وعبد الرحمن بدوي وسارتر! وخشيت أن يستخدم أحد اسم سيلفانا مأرييللي فكتبت عن حادث مصرعها في أحد شوارع باريس، يعني ماتت! وكان ذلك آخر جلباب أرتديه في حياتي الصحافية، ولكن يبدو أن التخفي والتحرر مني تحت أسماء أخرى لم ينته، فقد ظهرت في حياتي فتاة أخرى، ولم أجد لها اسماً أحسن من «سينا»، وكنت قد نسيت هذا الاسم، وعندما التقيت بالفنان الكبير يوسف شعبان في الكويت العام الماضي ذكرني بما نسيت، قال لي: أنت هاجمتني من أربعين سنة هجوماً عنيفاً، وكان السبب (سينا) ابنتي من بنت الإمبراطورة فوزية!

وكنت قد نسيت، ولم أشأ أن أسأله ولماذا كان الهجوم، وعدت إلى الأرشيف وقرأت مقالي، وكان على حق، وبقي الاسم على قلمي أكتب وأنشر وأترجم أفكار «سينا» ويعاودني الحنين إليها وإلى أن أكون مرة أخرى في جلابيب الآخرين!