بدر الدين والترابي.. بعيدا عن حوار العضلات

TT

كان من بين المداخلات الإلكترونية على مقالي بازار «فتاوى» المنشور بتاريخ 12 ابريل 2006 مداخلة بقلم هاشم بدر الدين من كندا، ولما كان الموضوع يدور حول فتاوى الدكتور الترابي الأخيرة عن المرأة، فلقد استدعي اسم هاشم بدر الدين إلى الذاكرة حادثة تعود إلى عام 1993، حينما تناقلت وكالات الأنباء خبر تعرض الدكتور الترابي لاعتداء في مطار أوتاوا بكندا من قبل أحد السودانيين المقيمين هناك، وهو أحد الأبطال العالميين في رياضة الكاراتيه، واسمه هاشم بدر الدين، الذي أنكر في حينها أنه المبادر بالعنف، وأن رفاق الترابي هم الذين بادروه، وكيف أدى ذلك إلى إصابة الترابي في رأسه، وهي الضربة التي روج البعض على أثرها شائعة تأثيرها على قدرات الدكتور الترابي العقلية.. وقد تساءلت بيني وبين نفسي: هل يمكن أن يكون المعقب على المقال الأخ هاشم بدر الدين هو ذاته الذي تناقلت الوكالات اسمه مرتبطا بتلك الحادثة البعيدة والشهيرة؟!.. والأرجح انه هو ذاته هاشم بدر الدين، وان تلك الحادثة بهالتها وانتشارها ربما حولت هاشم بدر الدين من ذلك التاريخ البعيد من ملعب الكراتيه إلى ملعب السياسة، فلقد وجدت له لقاء صحافيا في صحيفة «الصحافة» السودانية أجري معه في نيروبي يوضح انخراطه في بحر السياسة حتى أذنيه، ويقول: (السياسة بالنسبة لي ليست مهنة ولا أنوي أن اتخذها كذلك وهي أيضا ليست هواية كما عند البعض، وإنما هي موقف اقتضته الظروف، وأنا لدي موقف سياسي طيلة حياتي وهو أني لا أرضى الظلم، لأننا نشأنا في بيوت لا تقبل القهر ومنذ صغرنا كانت جدتنا تقول لنا: إن جدودكم لم يأتوا إلى أم درمان هذه «كايسين» رزق وإنما جاءوها راكبين خيلا، وهم جاءوا لمحاربة الظلم، وعلى هذا الطريق قمنا نحن فلسنا مثل الحيوانات الأليفة همنا أن نأكل ونشرب ونتزوج ونتكاثر).

وإذا كان حادث الاعتداء على الترابي في أتاوا قد حدث صدفة، كما يقول هاشم بدر الدين، فمن المتخيل أن الصدفة نفسها أيضا قد مكنت السياسة من القبض على بدر الدين، فظلت منذ ذلك التاريخ ممسكة بتلابيبه، خاصة أن أحبابنا السودانيين على الضفة الأخرى من البحر سياسيون بالفطرة، فلا يجتمع اثنان منهم إلا كانت السياسة ثالثتهما، فهم يحملون بين جوانحهم قلوبا جميلة حالمة بوطن أخضر تغني في صباحاته الطيور، وبالتالي فهم يخشون عليه من الرؤى المتصارعة ويخافون عليه من الحظوظ العواثر.

ولأخي هاشم بدر الدين أقول: أسعدني أن يكون خلافك مع الترابي هذه المرة حضاريا بالكلمة كما فعلت في تعقيبك على موقع صحيفة «الشرق الأوسط» الإلكتروني قبل أيام لا بقبضة الكف كما فعلت في كندا، ولعلك تتفق معي أن قبضة الكلمة ـ إذا حالفها الحق ـ أقوى أثرا من قبضة المصارع، فاحتفظ بعضلاتك للحلبة وعقلك للحوار.. ودمت بخير.

[email protected]