أوقاف من أجل الإعاقة .. فكرة لا تقاوم

TT

تقدم الأمم يقاس بمؤشرات مختلفة وكثيرة ، لعل من أهمها علاقة الناس بالمال فيما يطلق عليه مشاريع الخير.

ولفترة طويلة من الزمن كانت الاوقاف في العالم العربي قاطبة نادرا ما تساهم في تطوير واضافة القيمة النوعية الاجتماعية، ولذلك حين تأتي المبادرات اللافتة والمهمة في هذا المجال تعتبر بمثابة جرعة مكثفة من «الاخبار الطيبة». وقد شهدت العاصمة السعودية الرياض حدثا لافتا ومهما يتعلق باطلاق مركز الأمير سلمان لأبحاث الإعاقة. وهذا المركز يمثل شراكة حقيقية وعملية ما بين قطاع الاعمال والمسؤولية الاجتماعية ، إذ تمكن المؤسسون من جمع قرابة الخمسمائة مليون ريال سعودي لصالح وقف يخصص لأبحاث مشاكل وأمراض الاعاقة بمختلف أشكالها المنتشرة في المجتمع السعودي، سواء أكان ذلك لأجل منع المشاكل قبل الولادة أو علاجها بعد ذلك. وكان لافتا مدى التميز المهني ونوعية الشراكة العلمية مع أهم البيوتات العلمية المتخصصة. ويبدو أن الأمير سلطان بن سلمان بعد عودته من رحلته الفضائية بات يلتمس بحرص ماهر مسيرته على الارض. فبعد تألقه اللافت في ادارة مجلس ادارة جمعية الاطفال المعاقين لتصبح أبرز الجمعيات الخيرية وأكثرها تأثيرا على المستوى الوطني، ها هو يثبت جدارته في ادارة دفة الهيئة العامة للسياحة وسط تحديات اقتصادية واجتماعية غير بسيطة.

والآن بحكم موقعه كأمين عام مجلس أمناء مجلس المركز الجديد يحدث نقلة نوعية في طريقة جمع التبرعات وتوظيفها الوقفي وتكريس مفهوم الشراكة الاستراتيجي بين قطاع الاعمال وبين المجتمع بشكل فعال وملموس جدا. فكرة هذا المركز بالغة الأهمية ليس على المستوى المحلي السعودي فقط ، ولكن ايضا أهميته الكبرى تكمن على المستوى الاقليمي والمستوى العالمي، لأن المراكز التي تشبهه قليلة جدا.

ويبقى التحدي الأهم والأخطر هو «مأسسة» هذا التوجه بحيث يمكن تكراره بنجاح في تجارب أخرى، لأن المجتمع بحاجة لأفكار خيرية بقيمة مضافة في مجالات عديدة بعد أن كانت أعمال الخير تحصر فقط في مجالات محدودة ونمطية. تطور المجتمعات هو رحلة طويلة، إحدى أهم خطواتها هي مشاريع رائدة من هذا النوع تمثل تغييرا في الذهنية والأسلوب الذي يتم فيه التعاطي مع مشاكل المجتمع وأيضا مع اسلوب تمويل هذه المشاكل.