في الاجتماع الـ19 للمجلس التنفيذي للمجمع العربي للموسيقى الذي عقد في أبو ظبي قبل أيام، وحضره ممثلون من جل الدول العربية لم يجد المجتمعون من أوجاعنا العربية الفنية الكثيرة ما يتهاتف حوله أكثر من نانسي عجرم وهيفاء وهبي وشعبان عبد الرحيم، فشنت رئيسة المجلس الدكتورة رتيبة حفني هجوما كاسحا على الفنانتين محملة إياهما مسؤولية ثقب «الأوزون» الفني العربي، واتهمتهما بإخفاء الزمن الجميل لعبد الوهاب وعبد الحليم. كما صب كفاح فاخوري أمين المجمع العربي للموسيقى هو الآخر جام غضبه على الفنان شعبان عبد الرحيم، وأوشك أن يقول بأن أغانيه سبب رئيسي لأمراض الأنف والأذن والحنجرة.. وقد اضطر محمد الدالي مستشار الأمين العام للجامعة العربية أن يرد شيئا من الجميل لشعبان عبد الرحيم الذي امتدح رئيسه ذات يوم بأغنيته الشهيرة «بحب عمرو موسى وبكره إسرائيل»، فاعتبر أن شعبان قد نجح في إيقاظ الشعور الوطني والقومي لدى شرائح كبيرة من أبناء الوطن العربي على الرغم من ركاكة ألفاظ أغانيه.
ومن حق «شعبولا» أن يفخر بأنه قد فرض نفسه وموضوعه وقضيته على «سوبر باشوات» الموسيقى العربية، كما فرض اسمه من قبل على كبريات الصحف والمجلات والقنوات العالمية مثل: «التايمز» و«النيوزيك» والـ«سي إن إن» وغيرها، وأنا افترض أن هذا المكوجي البسيط ذكي بما فيه الكفاية، فلقد تعب من «البخ» والنشر والكي، فقرر أن يغسل الأغنية العربية من بقع الغرام الكبيرة التي علقت بها من عهد زرياب إلى زمن نانسي، فأخرج الأغنية من عشقها المرضي وسيّسها بطريقته الخاصة بعد أن كان حالها كحال المواطن العربي المغلوب على أمره تخشى الخوض في السياسة وترتعد من اسمها، وإليه يعزى الفضل في إنزال السياسة من برجها العاجي إلى الشوارع والمقاهي وكاسيتات سيارات الأجرة في زحام القاهرة. فيا سوبر باشوات الموسيقى العربية الذين اجتمعتم في أبو ظبي ويا حماتها ودركها وعسكرها الأشاوس «ألم تجدوا في الكون غير عون» لتحملوه مسؤولية انهيار الذوق العربي؟!.. فلو أراد شعبان أن يرد عليكم ربما لن يجد ما يقوله سوى:
ـ دا أنا غلبان.
وهي نفس العبارة التي قالها لي حينما التقيت به صدفة في أحد المقاهي القاهرية لأسأله عن سر الثلاث ساعات التي أثقلت معصمه، فقال: «دا أنا غلبان، والوقت اللي ضاع من عمري طويل، واللي جاي لازم أحرص عليه».
وأذكر أنه قبل أن يغادر نظر مليا إلى ساعاته الثلاث، ولم ينس أن يسألني ضاحكا:
ـ الساعة معاك دي الوقت كام؟!