«إن عشقت اعشق قمر»

TT

ما هو الفرق بين السطو المسلح، وبين السرقة؟! وما هو الفرق بين الاثنين وبين الرشوة؟!، قد تبدو الإجابة عن هذين السؤالين لأول وهلة انها سهلة، غير انني أظن أنها أعقد مما نتصور، رغم أنها كلها في نهاية المطاف تصب في الاستيلاء على المال، سواء كان الخاص أو العام على غير وجه حق.. ولو أردنا أن نضرب أمثالاً عملية تقرب الصورة لنا أكثر، فهناك سطو مسلح مثلما حدث في شهر فبراير الماضي في لندن، عندما خطط رجال مسلحون واختطفوا مدير شركة نقل الأموال، وفي نفس الوقت كانت مجموعة منهم قد اختطفوا زوجة المدير وابنه، وهددوه واستطاعوا أن يصلوا إلى الخزينة، بعد أن قيدوا ستة من رجال الحراسة واستولوا على ما يقدر بـ25 مليون جنيه استرليني وهربوا، (عفارم) عليهم، ويا ليتني كنت منهم بعد أن نجحت العملية.

هذه تسمى عملية سطو، وهي تشبه قديماً ما كان يفعله البدو، عندما يغزون بعضهم البعض، وتجد الواحد منهم يصلي ويكره الكذب والنفاق، ولكنه مع ذلك لا يتورع من الإغارة على ابل غيره، ويستولى عليها مفتخراً بشجاعته، وقد يقضي عليها هو بعد ذلك من نحرها وتقديمها تباعاً لضيوفه، ومفتخراً كذلك بكرمه.

وعمليات السطو هذه التي تتطلب قدراً من الدهاء والتخطيط والشجاعة، تختلف عن النشل أو السرقة السريعة، مثلما حصل مع ذلك الرجل الجزائري في احد مساجد العاصمة، حيث سرق الهاتف المحمول لأحدهم، عندما كانوا يؤدون الصلاة، وأحس الرجل المسروق بذلك دون أن يعرف الجاني، وما أن انتهت الصلاة حتى تقدم إلى الإمام يشعره بذلك، فأمر الإمام حالاً بإغلاق أبواب المسجد، وعدم خروج المصلين، وأخذ هاتفاً آخر وطلب من الرجل المسروق أن يتصل برقمه، وإذا به يرن بصوت عال من تحت عمامة السارق، وبعد أن أخذوا الهاتف منه تعرض للضرب والإهانة، وهذا يدل على أن السرقة مرض ولا تردعها الصلوات والمساجد.

أما عن الرشاوى، وما أدراك عن الرشاوى، فيقال إن أحدهم ذهب إلى دولة في أميركا الجنوبية ـ وليس (العربية) ـ على أمل الفوز بمشروع معين، فسأل صديقا مقيما له هناك عن الطريقة الناجحة لذلك، فقال له: بسيطة اطلب موعدا مع الوزير المسؤول، واحمل شنطة (سمسونايت)، وفيها مائة ألف دولار، وعندما تكون منفرداً مع الوزير في مكتبه حاول أن تخرج رزمة الدولارات بخفة، ثم ارمها تحت أقدامه، ثم نبهه قائلاً: يا معالي الوزير انتبه فقد سقط من جيبك مائة ألف دولار، وذلك لكي لا تجرح مشاعره، وفعلاً حصل ذلك، غير انه عندما نبه الوزير على المبلغ الذي سقط من جيبه، لم يتوقف الوزير عن قراءة بعض المعاملات التي أمامه، ولم يرفع رأسه إطلاقاً، وإنما قال له بصوت واثق: اعتقد أن الذي سقط من جيبي هو مليون دولار وليس مائة.

تعددت الأسباب والسرقة واحدة، أما ابلغ مثل عامي سمعته وأعجبني هو القائل: «إن عشقت اعشق قمر، وان سرقت اسرق جمل»، وقد حاولت شخصياً أن أعشق قمرا فوجدته بعيداً (ومخسوفاً)، وحاولت أن اسرق الجمل فوجدته (هائجاً)، وبدلاً من ذلك رحت ابحث عن جاموسة ممتلئ ضرعها بالحليب، وبدلاً من أن اسرقها، حلبتها فقط.

[email protected]