النفط لمن؟

TT

قبل أمس أمر الملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز بتخفيض أسعار البنزين لمواطني بلاده بنسبة 30%. وقبل أسبوعين، دعا الرئيس الإيراني أحمدي نجاد الدول المنتجة للنفط، وبالتحديد بلدان منظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك) إلى منح النفط بأسعار مخفضة للفقراء. وهنا يتضح الفرق بين من يريد المتاجرة سياسيا بالنفط، عندما يتحدث عن الفقراء وينسى مواطنيه، وبين من يسعى فعليا لتسيير أمور مواطني بلاده، بلا شعارات.

كليشيهات النفط للفقراء، وتوزيع الثروات، كلها شعارات رفعت في عالمنا العربي والإسلامي منذ زمن، أبرزها عندما غزا صدام حسين، الذي كان يحكم بلادا بنهرين وحقول بترول لا تقل عن دول الخليج، دولة الكويت، وكانت حجة مؤيديه توزيع الثروة.

بالطبع هناك فرق بين الشعارات التي لم تطعم جائعا، وبين من يتخذ قرارات بكل هدوء تخدم بلاده. تصريحات أحمدي نجاد قبل أسبوعين كانت استعراضا سياسيا! فالواقع يقول إن بلاده لم تسهم في دعم يساعد على تطور أو استقرار بالمنطقة. في الوقت الذي كان القرار السعودي عمليا وفعليا، يستفيد منه المواطن مباشرة، بلا شعارات.

عندما زال نظام صدام حسين، ورغم كل ما يقال، رأينا كيف استرخت ميزانيات دول المنطقة، ومنحت نصيبا أكبر للتنمية. وما كان ذلك ممكنا لو كان صدام في سدة الحكم.

ما يحزن هو أن دول العالم المتقدم، تخرج صفحاتها الأولى بأخبار تحث على الحياة، بين كرة قدم، وخبر طبي، أو تكنولوجي، ونرى على صدر الصفحات وفي نشرات الأخبار تقريرا عن كيف تقدمت اليابان على أميركا في تدريس مادة الرياضيات، بينما نحن ومنذ خمسين عاما لا نرى إلا نفس العناوين، من فلسطين وحتى لبنان مرورا بالعراق، وكلها قتال في قتال، أو خلاف في خلاف. وأعرف أن هناك من سيقول إنني أغفل دور المحتل الإسرائيلي، والمحتل الأميركي، وردي هو: وماذا عن أخطائنا التي لا تنتهي؟

ذات مرة سمعت مسؤولا سعوديا يقول، لو لم تكن ثورة الخميني للتصدير، وكان الشام، بدوله، ومصر والعراق، يقيمون وزنا منذ ثلاثين عاما وأكثر لبرلماناتهم، وانتخاباتهم، هل كان بإمكاننا أن ننحى منحى آخر؟ ويجيب: بالتأكيد لا! مضيفا: نحن جزء من منطقة تتقلب، وفي تقلبها الخطر.

ومن هنا نرى الفرق بين قائد رأى أن الظروف تسمح فقرر قرارا لمصلحة شعبه، وهو تخفيض البنزين 30%، وبين من يتخذ النفط شعارا، وسلاحا يشعل به المنطقة. فكم تصرف إيران من خيرات النفط، على ما ليس فيه خير الشعب الإيراني. آه كم أضاعت منطقتنا الحكمة.