240 مليارا مع التحيات

TT

منذ سنوات طويلة طرح بعض الصحافيين الغيارى على اموال الخليج و...تفرعاتها، مسألة العمالة الأجنبية في المنطقة و«اخطارها». ولا تزال المسألة مطروحة، ولكن عند اهل المسؤولية والدرس. كيف لدبي او ابوظبي او الكويت، ان تحقق كل هذا النمو، من دون الاستعانة بعامل اجنبي؟ البحرين وعمان تمكنتا من تحقيق اعتماد شبه كلي على العامل الوطني. ولكن شرط ذلك ان يعمل العماني في تنظيف الغرف في الفنادق، وان تعمل الفتاة البحرينية بائعة في المخازن الكبرى، او موظفة في مكاتب الطيران. لكن لا تستطيع ان تقول لا أريد عمالة اجنبية ثم تكتشف ان هناك 20 مهنة على الأقل، لا يقوم بها المواطن الخليجي، فيتركها للهندي والنيبالي. وحتى اللبناني المحدود الدخل والمعدوم الضمانات، يتعالى على مهن كثيرة، مما جعل العمالة الأجنبية تملأ بلدا مدينا مثل لبنان.على ان المشكلة (والحل؟) في العامل الأجنبي هو انه موقت وعابر ولو بعد ثلاثة عقود. وهذا يعني انه سيغادر ذات يوم، لكنه يعني ايضا انه لن يصرف مما يجني هنا سوى الضئيل من المال. ووفقا لدراسة وضعها نيتين غوغيا من مركز ابحاث الخليج في دبي، فان هناك 12 مليون عامل اجنبي في الخليج الآن يشكلون 70% من مجموع القوة العاملة. وقد حول هؤلاء الى اوطانهم ما بين 1993 و2002، نحو 240 مليار دولار، أي 9% من ناتج الدخل القومي في تلك المرحلة. وهي نسبة لا تشكل خطرا ماليا او اقتصاديا. مع العلم ان اليد العاملة الآسيوية تقبل بمستوى بقائي لا يقبل به احد. وترتضي انواعا من التقشف من الصعب ان يقبل به العربي ولو مرغما.

ما الحل؟ من العبث البحث عن حلول. أي محاولة تجنيس للمستحقين سوف تقلب الميزان السكاني والوطني في كل مكان. وفتح هذا الباب سوف يؤدي الى هجرة مائة مليون عربي الى الخليج خلال اسبوع، لشدة ما هم سعداء ومرتاحون داخل اوطانهم. وتحاول الكويت، على سبيل المثال، حل مشكلة «البدون»، لكن ذلك سيكون على حساب واقعها الوطني، اما وضعها الاقتصادي فيحتمل اكثر من ذلك بكثير. إن اقصى ما يمكن ان يحلم به الآسيويون الكادحون هو شيء من الحقوق «العمالية»، لا المدنية. كمثل تحسين الحال والرواتب وحفظ الحقوق والتعويضات. اما منح الجنسيات في دول قليلة السكان على نحو جماعي، فهو استحالة او انتحار. ونوع من تحويل الخطر المحتمل الى خطر اكيد.