كالكلاب يقبلون أقدام الغرباء!

TT

صديقي الدكتور أنور عبد السلام الشبراوي يتفرغ لكتابة دراسة نقدية لشعر الشاعر العراقي الكبير مهدي الجواهري. وسألني فقلت كل ما أذكره أننا تشاجرنا في قاعة الخلد في بغداد. وأرى أن السبب لهذه الخناقة لم يكن قويا. ولا كان يحتاج أن أكون عصبيا وأن يكون هو أيضا. سب نزار قباني وعلي أحمد باكثير.. وقلت: عيب يا أستاذ مثلك يشتم. ومثلك تفلت منه أعصابه عيب!

وما جاء بعد ذلك على لسانه أو على لساني لا يليق بأحد منا. والذين توقفوا بعيدا ظنوا أن الجواهري يلقي قصيدة. وقد كان مداحا. لا بأس. فكل الشعراء والفنانين الكبار أيضا. فما من رسام كبير في أية عاصمة لم يرسم صور الزعماء وكلابهم وقططهم أو البابا والكرادلة.. مثلا قال عن نزار قباني: إن كل المعاني التي يباهي بها قد جاءت في شعري قبل ذلك. فليس مبدعا؟! وإنما النسوان قد رفعته إلى فوق وتركته هناك.

وأنا سوف اجعله يهبط من السماء إلى الأرض. هذا وعد وعهد؟! أما رأيه في الشاعر الحضرمي (على احمد باكثير) فمنتهى الظلم. وهذا الأديب الحضرمي لم ينل ما يستحقه من الإعجاب والشهرة في بلاده وبلادنا.. فهو أول من كتب الشعر الحر.. وهو أروع ما يكون في مسرحياته السياسية. وعلى الرغم من أن باكثير يضحك بصعوبة.. لكن من الصعب أن تقاوم الضحك والسخرية في مسرحياته. وعندما ظهرت مسرحية (جلفدان هانم) بطولة محمد عوض، كنت أنا رئيس لجنة التحكيم.. ولما دعوت باكثير ليتفرج على مسرحيته اعتذر وقال انه سوف يشاهدها وسط الجمهور بدون أن يدري به أحد، ليسمع ماذا يقول الناس عن المسرحية والمؤلف والممثلين. قال لي الفنان حمدي غيث: انه لمح واحدة في الصالة تشبه باكثير تماما. ربما أخته أو والدته.. ولما لم تكن له أخت ولا والدة في مصر فهو إذن قد ذهب متنكرا!

وتشاجرت مع الجواهري، أما نزار قباني فاختلفنا وقاطعته لأنه شتم مصر شعبا وجيشا. وحاول الموسيقار عبد الوهاب أن يصلح ما بيننا، فلم يفلح. وقلت: بل يعتذر للشعب المصري. ولكن المصريين ينسون وسرعان ما أقاموا له الحفلات والندوات. وهنا تذكرت عبارة للشاعر الألماني هينه يهاجم فيها الألمان: أنتم كالكلاب تلعقون أقدام الغرباء!