حماره قال له وقال لنا!

TT

نشرت الصحف الأميركية أن مليونيرا ترك ثروته لكلابه. وقال إنها أكثر الكائنات إخلاصا. والحديث إليها ممتع! ويقول إنه كثيرا ما تكلم إلى كلابه وكانت آراؤها سديدة كلها! رجل يتحدث إلى الكلاب. ويقول وترد عليه. ويقول انه استمتع. ولذلك كافأها على ذلك بأن ترك لها ثروته! وكان الدكتور حسين فوزي يملك خمسين قطا. وكان يتحدث إليها. ويقول إنه حديث ممتع. كيف؟ هو يقول. والدكتور لويس عوض كانت لزوجته الفرنسية سبعون قطا تقفز على فراشه وعلى مكتبه وعلى كتفيه. وكثيرا ما كان يعتذر عن محاضراته لأنه على موعد مع بعض القطط التي تسعده كثيرا بالحديث إليها؟! وكان للأستاذ العقاد كلب اسمه بيجو. وكان يتخذه العقاد نموذجا للإخلاص الأعمى. ولكنه نوع من الإخلاص. على عكس الإنسان الذي لا يستطيع أن يخلص إلا إذا رأى ـ رأى الفائدة من وراء ذلك. ولكن الكلب مخلص مجانا! أما توفيق الحكيم فعنده حماره. وله مقالات كثيرة عنوانها: حماري قال لي.. حمار الحكيم.. وعصا الحكيم. وكان توفيق الحكيم قد اشترى حمارا وتركه عند الطباخ وكان يزوره ـ أقصد الحمار في غياب الطباخ حتى لا يسمعه وهو يتحدث إلى الحمار فيصف الحكيم بالجنون!

وطلب مني الحكيم أن نذهب إلى سوق الحمير في امبابة. وانتقي جحشا صغيرا جميلا. وتساءلنا كيف ننقله إلى المجلس الأعلى لرعاية الآداب والفنون (المجلس الأعلى للثقافة).. وربطنا الجحش في سيارتي وقاوم الجحش. فاقترح الحكيم أن يستقل خادمه التاكسي ويمشي وراءنا. فمن يدري ربما قطع الحبل وانطلق في شوارع القاهرة. وما توقعه الحكيم قد حدث.. فالجحش كان عصبيا بسبب السيارات وإشارات المرور وتزاحم الناس حوله.. قطع الحبل وهرب. ونظرت إلى توفيق الحكيم. فلم أجده قد تضايق. وإنما راح يفكر في ما حدث وفي المقال الذي سوف يكتبه عن حمار لم يحاوره بعد.. وضحك الحكيم وهو يقول: ها ها.. إننا لم نفكر كالجحش وإلا لعرفنا أين ذهب الآن.. مهما تعلمت من هذا الحيوان الظريف فلن أفلح في أن أكون حمارا. بينما كثيرون وصلوا إلى هذه الحالة بلا مجهود! وقد اتهم العقاد توفيق الحكيم بسرقة الحمار.. حمار الكاتب الاسباني خمينيز فقد كان له كتاب رقيق بديع اسمه (بلاتيرو وأنا). وكلمة بلاتيرو معناها ذو الشعر الفضي.. وكان الحكيم يقول: سرقت حمار خمينيز ولم أسرق لون حماره. فإذا كان حماره فضيا فحماري بني.. وفي يوم فوجئنا بمصطفى أمين ينشر في مجلة (الاثنين)، صورة لتوفيق الحكيم مع حماره.. وكتب: اختبر ذكاءك أيهما توفيق الحكيم؟!