أخناتون الذي افترينا عليه!

TT

طويت الكتاب حزينا على أحد أنبياء مصر الفرعونية.. بل النبي الواحد الذي نادى بالتوحيد قبل موسى عليه السلام. انه إخناتون. أما شكله فغريب. قالوا مريض. تماما مثل توت عنخ أمون. والرسامون سخروا منه فتخيلوا له نهدين كبيرين وردفين أيضا. وقالوا عنده استسقاء. ممكن أن يكون شاذا جنسيا؟ وأن تكون علاقته بأخيه الأصغر فضيحة تاريخية؟ وفي نفس الوقت أن يحرص على المجاهرة بهذه العلاقة. وأن يتزوج ابنته وان يتزوج أخته. فشيء فظيع. فلم يكن مألوفا هذا العدد من الزيجات ولا أن يكون له هذا العدد من الحريم.. وأن تغضب زوجته الجميلة نفرتيتي وتترك له القصر.. ثم ينادي بالتوحيد: الله نور السماء والأرض. وهي فكرة جديدة شاملة كاملة ـ فهل كل هذا صحيح. هل سليم حسن عميد مؤرخينا متأكد من هذه الفضائح الجنسية لشخصية باهرة في التاريخ القديم!

سألت العالم الكبير علي رضوان يوم الاحتفال به أمس.. يوم أعطته المانيا أعظم نياشينها الأدبية، فقد درس في ألمانيا وحصل على الدكتوراه من جامعة ميونخ. وسألت العالم الكبير الدكتور محمد صالح الذي كان مدير المتحف المصري. سألت الدكتور زاهي حواس أمين المجلس الأعلى للآثار. هل هذا الكلام صحيح يا أساتذة قالوا: لا..

قال زاهي حواس: ان سليم حسن قد أخطأ عندما نقل رأي العلماء الأميركان. فلم تكن معلوماتهم دقيقة..

قال لي الدكتور رضوان: إنه أخطأ في فهم إحدى اللوحات الموجودة في برلين. وفيها إخناتون يداعب أخاه. وهو رجل قد حرم الولد. فكانت له ست بنات. ماتت ثلاث منهن فذاب حزنا ودمعا عليهن!

وقال الدكتور محمد صالح: مصر الفرعونية لا تعرف القبلات. ولم يظهر أحد يقبل طفلا ولا حتى ابنته أو زوجته. واللوحة الموجودة في متحف برلين قد أجلس إخناتون أخاه على ركبتيه وامتدت أصابعه تداعبه واقترب وجهه من وجه أخيه.. فظن أنه يقبله وهذا غير مألوف في مصر القديمة..

إن كثيرين من العباقرة أفسد صورهم في أعيننا أنهم شواذ: سقراط وشكسبير واندريه جيد وجان جينيه وأوسكار وايلد وجورج صاند وكوكتو وشخصيات أخرى معاصرة.. لماذا؟ لأننا نريد أن نرى الذين نعجب بهم قد كملت أوصافهم تماما.. مع أن النقص والعيوب والانحراف طبيعي. ولكننا نصر على أن نراهم كاملي الأوصاف ولذلك نرفض عيوبهم ـ غلطتنا وليست غلطتهم!