المرأة من جديد

TT

يجري الحديث في السعودية هذه الأيام عن نظام العمل المتعلق بالمرأة، الذي يفسر ويوضح كيفية قيام المرأة بممارسة البيع في محلات التجزئة. وبما أن النظام يتعلق بالمرأة، كان متوقعا بطبيعة الحال أن ينال حظا وافرا من الانتقاد والهجوم والتصدي له بشتى الوسائل، حتى لو كان التاريخ الإسلامي نفسه وسير الشخصيات البارزة يناقض تماما كل هذه الأقاويل! ولكنه الملف «الأخير» بالنسبة للتطرف والغلو، ملف المرأة. فهو القضية التي يعلق عليها (بسذاجة واستخفاف)، بأنها سبب انهيار الأمم وتخلفها (عجبا ألا يمكن أن يكون من أسباب تخلف الأمم هو استفشاء الظلم وانتشاره وفساد القضاء وتدهور التعليم واستبداد الرأي؟!).

عمل المرأة جائز شرعا، وهو مسألة تلقى قبولا من الشريحة العظمى من العالم الإسلامي، بعلمائه الأجلاء.

مواضيع المرأة تحولت من مواضيع «عادية»، مثلها مثل غيرها من الشؤون الاجتماعية والاقتصادية المختلفة، إلى مواضيع تعامل بتشنج ومبالغة واضحة، مما أدى إلى غياب الموضوعية ومعرفة المصلحة العامة حين طرح أي من المواضيع من هذا النوع. هناك العديد من المواضيع المتعلقة بالمرأة، التي بقيت معلقة وبحاجة لتوعية ودرجة عالية من إحسان الظن. مواضيع في مجالات التعليم والقضاء والحقوق والعمل والرياضة والاستثمار بشتى أنواعه. وما دام استمر التعامل مع المرأة على أنها «كائن مختلف» و«مخلوق آخر»، ستظل النظرة لها مليئة بالقلق والريبة والشك. الموضوع يتخطى إصدار نظام لعمل المرأة «غير قابل للتطبيق»، لأنه صدر بشروط معقدة ضد منطق العمل وظروفه، والأهم انه بعيد عن منطق الشرع وروحه، الذي عامل المرأة ككائن متكامل بدون انتقاص. الأمر له علاقة في المقام الأول، بقدرة المجتمع على «التصالح» مع نفسه، وبالتالي مع كافة عناصره بدون استثناء أو تمييز. الفرص المتكافئة حق أساسي مكفول من الجانب النظري لأي عضو في المجتمع، كل الأمل أن ينتقل هذا الحق من الجانب الفكري التنظيري إلى الجانب العملي القابل للقياس، والقابل أيضا لتحقيق العوائد والنتائج التي تفيد شرائح هائلة داخل المجتمع نفسه. ألم يحن الوقت لنظرة جديدة للمرأة؟ الإجابة هي «نعم» ومدوية!

[email protected]