وصل الرواد سالمين.. شكرا!

TT

عندما سئل الأستاذ توفيق الحكيم عن الفرق بين جيله وجيل ابنه إسماعيل قال: على أيامنا إذا سألونا: ما الذي يعبر البحر دون أن يبتل، كنا نقول: العجل في بطن أمه، ولكن إسماعيل يقول: الطائرة!

ونحن أطفال في الريف كنا نلعب لعبة الدكتور، وذلك بأن ينام أحد الأطفال كما يفعل المرضى ويجيء الدكتور ويشكه أو يلسعه بشيء ما، أو إذا كان المريض يشكو من عينيه فإنه يضع بعض التراب في عينيه، تصور هذه الألعاب الخشنة، ولكننا في الريف لا نعرف ما الذي يتسلى به أطفال المدينة، فلا كانت عندنا ملاعب ولا حدائق ولا دور للسينما نرى من خلالها الدنيا وكيف يلعب أبناء أوروبا وأميركا! ولكن ما الذي يلعبه أطفال اليوم؟

أما الألعاب التقليدية فكلنا نعرفها، مضافة إليها الألعاب في الهاتف المحمول أو على شبكة الإنترنت، وأنا لم أجرب شيئا من ذلك، فلا عندي وقت ولا عندي رغبة. ولكن وجدت أخيرا ألعابا رفيعة المستوى، ألعابا في الفضاء وبين الكواكب والمجرات والثقوب السوداء والمذنبات، وأين؟ على شبكة هيئة الفضاء الأميركية والأوروبية أيضا. مثلا هناك لعبة الطبيب، اللعبة تقول لك: هل تريد أن تلعب دور طبيب؟ وعليك أن ترد. فتقول: نعم، ويقولون لك: إذن نعرض عليك مهمتك العاجلة وهي أن تكون الطبيب المرافق لطاقم من رواد الفضاء في رحلة إلى كوكب الزهرة أو المريخ، وقبل أن تبدأ الرحلة يعرفونك بهذا الكوكب: بدرجة الحرارة والجاذبية ثم يقدمون لك رواد الفضاء ومهام هؤلاء الرواد، ويحددون مهمتك بأنها أن يصل هؤلاء الرواد في تمام الصحة والعافية، هل أنت مستعد؟ ويكون الجواب: نعم. ويسألون هل إذا صعب عليك الأمر هل تتصرف وحدك أو تلجأ إلى المحطات المتابعة الأرضية، وتختار أنت.

فجأة ترتفع درجة حرارة أحد الرواد، ويعلو ضغط رائد آخر، ولا يجد الرائد الثالث رغبة في الطعام، ويجد الثلاثة صعوبة في النوم طبقا للتعليمات، فماذا يفعل؟ فقد تعتمد على معلوماتك وتكون النتيجة غير ما تتوقع، ومرة تسأل محطات المتابعة الأرضية وتجد حلا لكل المشاكل وفجأة تظهر مشكلة ليس لها حل عندك وتحتاج إلى وقت لتجد طبيبا في أميركا أو في أوروبا، فتجد نفسك مضطرا إلى أن تعود إلى بداية الرحلة.

وفجأة يظهر تحذير يقول لك: إنه مستحيل أن تنخفض درجة حرارة رائد الفضاء ثم ترتفع فجأة هكذا، إننا نحن نداعبك، وتعتمد على ذكائك، وشكرا لقد وصل الرواد سالمين!