الزرقاوي في فلسطين

TT

لسنين عديدة ظلت «القاعدة» ترفع العذر الفلسطيني لتبرير عملياتها المسلحة ضد كل شيء لكنها لم تطلق رصاصة واحدة ضد اسرائيل، ودفع الغياب عن المواجهة مع الاسرائيليين الى التساؤل والتشكيك في نوايا التنظيم الحقيقية. فمعظم هجماتها وجهت ضد اهداف عربية واسلامية في السعودية ومصر والمغرب واليمن والعراق وتونس واندونيسيا وباكستان وغيرها. وحديثا حذرت انباء واردة من داخل وخارج الأراضي الفلسطينية المحتلة ان «القاعدة» قررت اخيرا العمل هناك، وجاء اول تأكيد من الرئيس الفلسطيني شخصيا الذي اعرب عن قلقه من وصول مجندين من «القاعدة» الى الاراضي المحتلة. ثم ورد هذا الاسبوع نبأ قال ان سجينا فر من حبسه وهو احد منسوبي «حماس» الذي سبق ان رصد ارتباطه بـ«القاعدة»، وسبق ان جند عبر الإنترنت. تم الافراج عنه ولم يعد يعرف مكانه، في اشارة الى وضع يتشكل وتطور مستقبلي خطير.

وكلنا يعلم حجم الضرر الذي احدثته «القاعدة» ضد العرب والمسلمين في العالم منذ سلسلة هجماتها التي استهدفت المدنيين في الغرب. وبلغت حدَّ اننا فقدنا آخر المتعاطفين معنا الذين كانوا ينظمون المظاهرات ويصوتون في الانتخابات ويتبنون صراحة مواقف ضد حكوماتهم في قضايا عربية، وهم خليط من اليسار والوسط المعتدل وجمهور كبير من المقتنعين بالحقوق العربية. بسبب ما فعلته «القاعدة» من جرائم بشعة ضد المدنيين تحت ذرائع واهية خسرنا آخر الواقفين معنا لكن بقيت القضية الفلسطينية الوحيدة التي لها طابور لا بأس به من المساندين هناك.

واذا كانت اسرائيل تتمنى شيئا في حرب الارهاب فهو ان تدخل «القاعدة» على المعركة مع اسرائيل حتى تستفيد من الكره العميق والشعبي ضد «القاعدة» في الغرب لتجيره سياسيا وماليا لصالحها. الآن إن ادخلت «القاعدة» الى الأرض الفلسطينية فنحن نبدأ فصلا خطيرا لم تعرف مثله الارض الفلسطينية من قبل. سنرى زرقاويين يقتلون الفلسطينيين لانهم نصارى او على علاقة بمن يختلف معهم، تماما كما تفعل في العراق. وستكون اسرائيل قد ضمنت لنفسها بقاء مطولا في الاراضي المحتلة ان لم تكسب وضعا يجعلها قوة مساندة لأطراف فلسطينية متضررة من «القاعدة».

ماذا يمكن ان يقال لـ«حماس» المتهمة ضمنا من قبل اناس داخل السلطة الفلسطينية وخارجها بأنها ضابطة الارتباط وحصان طروادة؟ الرؤية المحتملة جدا، لو افترضنا صحة الزعم هذا، بكل بساطة تعني انها ستنتهي نهاية طالبان وحتى رموز «القاعدة». بهتت بياناتها ووعودها وانتهت محاصرة او مطاردة. و«حماس» لا تحتاج ان تضع نفسها في موقف خاسر وهي التي كسبت الانتخابات بصورة تدريجية ونشاط ميداني شعبي ووصلت عبر صندوق الانتخاب.

ولا تبرر خلافاتها مع «فتح» على السلطات اللجوء الى «القاعدة» الا ان كانت تنوي الانتحار وهدم القضية الفلسطينية على رؤوس الفلسطينيين.

[email protected]