ما بين الانتخابات الطلابية والبلدية

TT

قبل أسبوعين أنهت كلية اعداد المعلمين في مدينة جدة تجربة جميلة تمثلت في انتخاب مجلس طلابي، كبادرة ثانية بعد كلية اعداد المعلمين في المدينة المنورة. متابعة اخبار التجربة في الصحف كانت مشوقة لسببين: الأول أنها أكبر انتخابات طلابية من حيث حجم المشاركة التي وصلت الى 90 في المائة من عدد الطلاب، والثاني أنها تأتي كبارقة أمل لتفعيل الحياة الجامعية لدى الطلاب السعوديين.

اللافت هو العنوان الذي وضعه زميلنا سلطان العوبثاني في احدى تغطياته لصحيفتنا هذه، أشار فيها الى أن نسبة مشاركة الطلاب في الانتخابات الطلابية فاقت حجم المقترعين في الانتخابات البلدية. الاشارة مهمة وصريحة في إظهار أن تجربة الانتخابات البلدية قدمت على أنها «ثقافة للكبار فقط» وممنوع اقتراب الصغار.

فهل سيتم في تجربة الانتخابات البلدية القادمة تخفيض سن المقترعين الذي حددت بواحد وعشرين عاماً الى ثمانية عشر، فضلاً عن السماح للفتيات في المشاركة؟ وهل سيتم الدفع في اتجاه توعية الناشئة في الجامعات والمدارس بضرورة الاندماج في الدولة المدنية، وأهمية التعبير عن الرأي؟

وبالعودة للانتخابات الطلابية، أشار عامر الشهري مسؤول العلاقات العامة وعضو هيئة التدريس في الكلية الى أن «المجلس سيبدأ عمله في العام المقبل، وسيقوم الطلاب باعداد دستور أو وثيقة خاصة بالمجلس لتعريف مهامه وأهدافه».

ما اتمناه أن تكون الصلاحيات الممنوحة للمجلس واضحة وحقيقية وليست صورية، ولا يمنع من الاستفادة من دول ذات تجربة في هذا المجال بإرسال الطلاب السعوديين اليها للاطلاع على آلية العمل المتبعة في جمعياتهم الطلابية.

والأهم ألا يتراجع دور المجلس عن قرينه التاريخي في جامعة الملك عبد العزيز بجدة في السبعينيات الميلادية. وهي التجربة التي يصفها معاصروها بأنها فريدة، وكانت في حينها جامعة أهلية، وكان الطلاب ينتخبون ويصوتون ويمارسون نشاطهم الحقوقي بكل حرية. ويؤكد المعاصرون من الأكاديميين أن تلك التجربة لم تكن صورية، بل كانت تملك صلاحيات عالية تؤهلها للذهاب مباشرة لمدير شؤون الطلاب للتفاهم معه على النواحي الاكاديمية، وتسببت هذه اللجان في حينها في فصل استاذ جامعي أهان طالباً وحقره أمام زملائه بسبب اعتراض الطالب على حل احدى مسائل مادة الرياضيات.

لا أعرف ما هو رد فعل طلاب الجامعات وهم يقرأون القصة في الأعلى، ولا أعرف ما اذا كانت ردة الفعل الطبيعية ابتسامة أو تنهيدة، أو ربما الاثنتين.

ما اعرفه أننا بحاجة ماسة الى مناخ حيوي ومتفاعل في جامعاتنا السعودية، وتفعيل دور لجان الكليات. والتجربة المدنية التي تعيشها السعودية بقيادة الملك عبد الله بن عبد العزيز في أكثر من اتجاه يجب أن تصل الى الجامعات، والى الطبقة التي تشكل 60 في المائة من مجتمعنا السعودي.

[email protected]