لا يجوز

TT

المعارك عادة ما تخلف الضحايا، ولكنها أيضا تسقط بعض الأبرياء في الطريق. في خضم الحملة المهمة التي انطلقت لنصرة، الرسول صلى الله عليه وسلم، بعد الرسومات الكاريكاتورية المشـينـة التـي صدرت في بعض الصحف الأوروبية، والتي تضمنت مقاطعة لمنتجات دنماركية، أصابت هذه الحملة شركات بريئة لا علاقة لها بالحادث المشين ولا بالدنمارك نفسها، مما أدى الى إصابة هذه الشركات بخسائر فادحة وإساءة كبيرة لسمعتها، نظرا لأن بعض الجهال الذين دخلوا في هذه الحملة، بصورة عشوائية، كانوا يصوبون اتهاماتهم عبثا ذات اليمين وذات الشمال، مما أدى الى «إصابة» أبرياء بهذا الرصاص الطائش وقطع أرزاقهم.

اليوم تعلن شركة سدافكو، وهي شركة سعودية 100%، استغناءها عن عدد غير بسيط من الموظفين، نظرا لتردي الوضع التجاري للشركة وانخفاض مبيعاتها الى مستويات دنيا قياسية.

والآن تقام سلسلة من القضايا ضد الشركة، لأنها قامت بتسريح هؤلاء الموظفين، ولكن الأغرب أن حملة النصرة لم «تتفضل» بالدفاع عن الشركة البريئة والاسهام بوقف نزيف الخسائر الذي تسبب فيه بعض الجهلاء المحسوبين عليها، ونسوا أو تناسوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كان الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه»، والحديث الآخر «من فرج عن مؤمن كربة فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة». وكأن هذا الموضوع ليس بنفس الدرجة من الأهمية لمواضيع أخرى تنبري لها الأصوات في المجالس ومن على المنابر كتكفير لبعض المسلمين، والتصدي لأي موضوع له علاقة بالمرأة أو تكريس الكره والغضب نحو الغرب. الحقيقة أن الجرم المخزي الذي تم بحق هذه الشركة، والذي أدى الى تسريح الموظفين يتحمله في المقام الأول النداء التعسفي الجاهل، الذي أصاب الشركة والموظفين، وبالتالي أقل ما يمكن القيام به الآن هو حملة حقيقية لإزالة اللبس عما حدث بدلا من خطاب وحيد وإعلان خجول نزل في صحف محدودة وليوم واحد. «قطع الأعناق ولا قطع الأرزاق»، هكذا علمنا الدين الإسلامي السمح، ولكن يبدو أن هذا الفهم راح عن بال البعض الذين «سيسوا» حملة، الغاية منها عظيمة وهي التصدي للإساءة إلى سيد الخلق عليه صلوات الله وسلامه، ولكنهم سمحوا بحدوث إساءة وتجاوز بحق أبرياء لا يمكن أن يرضى الرسول نفسه عنها. خلل كبير حدث وصمت مريع يستمر كأن ما حدث لا يعني أحدا وكأن القضية غير «ساخنة» بالقدر الكافي الذي ستحتل فيه أخبارها الفضائيات والصفحات الأولى من الصحف. هناك وقفة أدبية وأخلاقية عاجلة مطلوبة لنصرة من جرى تسريحهم نتاج تهور أحمق لأن استمرار هذه المهزلة معيب. اللهم لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.

[email protected]