هل ندفع للخاطفين؟

TT

معظم المخطوفين الذين أطلق سراحهم في العراق دفعت حكوماتهم او شركاتهم او اهاليهم فدًى للخاطفين. دبلوماسي عربي خرج حرا سليما أعرف جيدا ان حكومته ناولت الخاطفين مليون دولار في العام الماضي. الحقيقة، لم يكن هناك خيار آخر، خاصة ان الحكومة كانت قد قررت تقليص نشاطها الدبلوماسي في بغداد من قبل ولا بد من استعادة موظفها. ورغم ان الأميركيين والفرنسيين والإيطاليين زعموا انهم لم يلبوا مطالب الخاطفين المالية او لم يدفعوا فدًى، فان هذا لم يكن صحيحا في معظم الحالات. فالكثير من الخاطفين ينتظمون في عصابات؛ هدفها الأول هو المال، وفي حال فشلهم في المساومة، فغالبا يبيعون ضحاياهم لمنظمات إرهابية مُسيَّسة. وما نسمعه قليل من كثير من عمليات الخطف التي يروح ضحيتها عراقيون لنفس الغرض المادي حيث ازدهرت المهنة الى درجة صار لا يستغرب ان تكون فئات في الأمن وشركات الحراسة والنافذون المحليون متورطين فيها.

الرهينة الدبلوماسي الإماراتي المخطوف يذكرني بالدبلوماسي المصري الذي خُطِفَ قبله لتشابه الظروف، ونتمنى ان تأتي نهاية الحادثة سعيدة مثله بأن يعود لذويه سالما. فالدبلوماسي المصري كانت علاقته جيدة بجميع الأطراف ولم تشفع له علاقاته في منع الجريمة، ايضا لم يكن للسفارة دور كبير على الأرض حتى تستهدف، ما حدث انه كان هدفا سهلا وخاطفوه كانوا طرفا يمكن التفاوض معهم.

وليس عدلا ان تقول لأية جهة ألا تتعامل، وألا تستجيب، مع الخاطفين لان حياة اي انسان عند المساومة تفوق كل ما يطلب ثمنها. ومن جانب آخر لا بد من القول ان عمليات الخطف العديدة على مستوى الافراد العاديين، او المؤسسات، وممثلي الحكومة او الحكومات، أسست صناعة مزدهرة بسبب الاموال التي يجنيها الخاطفون وسهولة تنفيذها. وهذا يعيدنا بالذاكرة الى زمن شاع فيه خطف الطائرات لأسباب سياسية ومالية كذلك. ونظرا لأن معظم الحكومات امتنعت عن منح الخاطفين مطالبهم انطفأت تلك الظاهرة، الى جانب ان الحكومات طبقت أنظمة متشددة لمنع الخطف قبل ان يقع في المطارات.

أزمة الخطف تقلصت على المستوى الكبير في العراق ربما لنجاح الأمن في تشتيت الجماعات الارهابية لكنها لم تختف لأسباب مالية بالدرجة الأولى. الحكومة العراقية الجديدة تقول انها عازمة على ردع الارهاب ومطاردة الارهابيين، ولو فعلت لرأينا عراقاً مختلفاً. ولا اعتقد ان هناك في العراق من لا يتمنى نجاحها، وحتى على مستوى المنطقة، لأن الاحداث الماضية برهنت على ان الارهاب وباء لا حصانة لأحد منه، وان مصلحة الجميع هي في التعايش مهما اختلفوا لوناً وسياسةً.

أمام رئيس الوزراء الجديد واجب أكبر وفرصة أطول من سلفيه للقضاء على الإرهاب، وإلا لن تبقى دولة لها ممثلية أو شركة عاملة ما لم يقض على الارهاب.

[email protected]