يا أولاد الحلال: هاتف هذا الرجل!

TT

قالوا لي: طبيبك موجود في لندن، إنه الطبيب المصري جابي جبران بمستشفى الأميرة جريس «برنسيس جريس»، واتصلت به، فقال لي: قبل أن تجيء إلى لندن أريد صورة بانورامية للأسنان، وبعد ذلك سوف تدخل المستشفى لمدة ثلاثة أيام وتحت اسم مستعار لأسباب أمنية، وفي اليوم الأول سوف تجيء الممرضة تتحدث إليك وتعرف إن كان لمرض أسنانك تاريخ، ثم تقيس الضغط، وتعطيك مهدئاً، ثم منوماً، وسوف تجرى العملية لك وأنت نائم تماماً، وبعد ذلك لن تشعر بأي ألم، لأن الألم لا ضرورة له. وقد حدث كل ذلك بمنتهى الدقة. وخرجت من المستشفى لأعود إليه في عيادته الخاصة، وبعد ثلاثة أيام أخرى أجري كشف من جديد، على أن أعود لآخر مرة في العام التالي للاطمئنان على أن العملية التي أجريت تحت الأسنان سليمة وأن مكان عشرين غرزة آمن تماماً!

سألت الطبيب المصري ما شكل البقشيش الذي ينبغي دفعه للممرضات، فاستاء تماماً وقال: علبة شيكولاته ولا تزيد، وسألت بعض المصريين في لندن فقالوا كلاماً مشابهاً، وحددوا نوع الشيكولاته، أما الذي أعجبني في المستشفى فهو الضبط والربط وسرعة الأداء والابتسام على وجه الممرضات في كل ساعات الليل والنهار. وبسبب النظر طويلاً إلى التلفزيون في ليالي الوحدة الطويلة أوجعتني إحدى عيني، وبسرعة جاء طبيب، وفي لحظات جاءت زجاجتان من القطرة؛ واحدة للعين اليمنى وواحدة للعين اليسرى، لماذا؟ لا سؤال ولا جواب فالطبيب يعرف أكثر.

قلت للممرضة: هل أستطيع أن أستعير كتاباً من المكتبة، فأجابت: نعم، وأخرجت ورقاً وقلماً، ولم أكن أعرف أن في غرفتي كومبيوتر، وعلى الكومبيوتر ظهر الكتاب، وبعد لحظات جاء الكتاب، وكانت الحروف صغيرة جداً، فلم أستطع أن أقرأ بوضوح، وسألت إن كان من الممكن أن أطلب ما هو أكبر حروفاً، وجاء كتاب، من بعده كتاب. وألقيت محاضرة في «كلية التمريض» جامعة المنصورة، وكانت المقارنة هامة جداً بين علم التمريض عندنا وبين التمريض عندهم، ووجدت أن المسافة كبيرة، ومشكلة مستشفيات مصر كلها ليست الأطباء وإنما الممرضات، أي تطبيق ما يأمر به الطبيب وموالاة ذلك والعناية الشخصية بالمريض.

عزيزي القارئ هذه مقالة مغرضة، أي لها هدف آخر غير أن أحكي حكاية وأروي رواية وأن أقارن وأن يكون عندي أمل في الإصلاح، وهو أنني في الأيام الأخيرة بدأت أشعر بشيء من الألم في أسناني وشفتي، فإن كان ذلك هو نفس الألم القديم، فكل ما أرجوه منك إن كنت تعرف رقم هاتف د. جابي جبران فبالله عليك أن ترسله لي، ولك الأجر والثواب عند الله، فلا أوجع الله لك ضرساً ولا ألهب لك شفة ولا أرقد لك جسداً في مستشفى أو في أي مكان آخر!