العنف لا يولد إلا العنف

TT

وقوع العملية الاستشهادية في كفار سابا امس لم يكن مستغربا، بل يمكن، وبدون تردد، القول انه كان متوقعا في ظل الغطرسة العسكرية الاسرائيلية واستمرار سياسة القتل والتنكيل والتجويع، واعادة احتلال الاراضي وتدمير البيوت وتجريف الاراضي الزراعية، وبناء المزيد من الوحدات السكنية الاستيطانية، والحديث عن خطة جديدة لتهويد القدس المحتلة.

فحتى يوم امس استولت قوات الاحتلال على جزء من منزل فلسطيني قرب مدينة دير البلح ضمن منطقة «أ» الخاضعة امنيا واداريا للسلطة الفلسطينية جنوب قطاع غزة، بحجة اقامة نقطة عسكرية في طابقه الثاني وسطحه بعد ان رفضت الاسرة مغادرة المنزل كليا. فقد ضاقت الدنيا ذرعا بقوات الاحتلال وهي التي تصادر الاراضي الفلسطينية كل يوم، حتى تقيم نقطة عسكرية في منزل ربما لا يكفي حتى لايواء اسرته المكونة من 12 فردا.

ولن يكون مستغربا ايضا ان نستيقظ صباح اليوم على انباء الرد الاسرائيلي على هذه العملية بمزيد من الاعتداءات على الشعب الفلسطيني الاعزل في الضفة الغربية وقطاع غزة، متمثلة بعمليات اغتيال وقصف تدميري ضد ممتلكاتهم، وربما بعمليات اقتحام جديدة لقراهم او مدنهم.

لكن اذا اعتقدت اسرائيل ان مثل هذه الاعمال العقابية الجماعية ضد الشعب الفلسطيني ستحميها من المزيد من العمليات الانتحارية، وستحقق لها الامن المنشود فلا بد ان تدرك انها خاطئة في اعتقادها. فالجرائم العسكرية التي ارتكبتها في الماضي وترتكبها منذ انطلاقة انتفاضة الاقصى في 28 سبتمبر (ايلول) الماضي ومقتل ما لا يقل عن 450 فلسطينيا وجرح اكثر من 15 الف اخرين، فشلت حتى الان وستفشل في المستقبل في تحقيق هذا الامن.

لقد حان الوقت ان تفهم حكومة ارييل شارون، وهي مقبلة على الذكرى الـ 53 لقيام الدولة العبرية، ان العنف لن يولد الا العنف والقتل لن يخلف سوى القتل. وان الطريق الوحيد للخروج من حمام الدم هذا لن يكون الا برفع الضيم والظلم عن الشعب الفلسطيني واعادة الاوضاع الى ما كانت عليه قبل 28 سبتمبر، تمهيدا للعودة الى طاولة المفاوضات، وكذلك الاعتراف بالحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني وفق قرارات الشرعية الدولية، ودولته المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.