لكي لا يتكرر الخطأ مع إيران

TT

وسط كل النقاش الدائر حول الاستخبارات، هناك تركيز قليل على سؤال قد يطرحه المواطن العادي: هل وقع هؤلاء الرجال بالخطأ مرة أخرى؟ وهل سيخبرون العالم عن أن شيئا ما موجود ليتضح لاحقا أنه لا وجود له؟

المسألة هنا متعلقة بالتحليل، الذي يعد الأقل جاذبية، لكنه الأكثر أهمية في عالم التجسس. ففي السعي لإصلاح الخطأ، قام جون نيغروبونتي مدير الاستخبارات القومية بمبادرة ذكية، حينما ذهب إلى الوكالة التي كانت قريبة من الوصول إلى الحقيقة بما يخص أسلحة الدمار الشامل العراقية، «مكتب الاستخبارات والبحث» التابع لوزارة الخارجية، ليختار رئيسه توماس فينغار كي يكون نائبه لقضايا التحليل. وكان هذا المكتب المعروف باسم «آي أن أ» قد أزعج الكثيرين في إدارة بوش خلال عامي 2002 و2003 حينما رفض المصادقة على القضية التي شكلوها والقائلة بأن العراق يحاول أن يعيد برنامجه النووي ـ حيث اعتبر الزعم القائل ان العراق يشتري اليورانيوم من النيجر، مثير للشكوك.

إذن كيف سيكون نيغروبونتي وفينغار متأكدين من أن التحليلات ستكون صحيحة هذه المرة بخصوص إيران؟ كيف سيعيدان بناء عالم المحللين بحيث يصبح تقييمهما البشري مرة أخرى «أكبر أداة استخبارية» حسب كلمات شيرمان كينت الذي رأس قسم التحليل التابع لوكالة الاستخبارات المركزية خلال الحرب الباردة.

يمكن أن يكون المحللون أشبه بالأكاديميين. فهم قادرون على أن يكونوا لامعين ـ لكن يمكنهم أن يكونوا ضيقي الأفق ومتفيقهين. ففي الماضي كان حجم الجدل يستحق تشكيل قسم أكاديمي خاص بالتحليل حيث كانت كل وكالة تصر على صواب معلوماتها. وكان أحد معالم التغيير متمثلا بما قدمته دائرة «تقييمات الاستخبارات القومية» حيث انخفض عدد الأيام التي كانت تقدم تقاريرها بها من 400 يوم إلى 80، بينما انخفض عدد صفحات تقريرها من 60 صفحة إلى 20.

هل سينجح التنظيم الجديد في الوصول إلى الحقيقة؟ أنا سأكون أكثر سرورا لو أن نيغروبونتي كبح عنان الأجهزة المعنية بالتحليل وجعل كل أنشطتها تحت مظلة مدير وكالة الاستخبارات القومية. وإذا سعت الولايات المتحدة إلى إبقاء مراكز متعددة للتحليل لتجنب إثارة مشاعر سي آي ايه، فإن النتيجة ستكون مزيدا من التشويش والفوضى. لكن الفريق الجديد الذي شكله نيغروبونتي برئاسة فينغار اتخذ بعض الخطوات في الاتجاه الصحيح. قد تقع أميركا بأخطاء بما يخص إيران وتحديات أخرى، لكنها على الأقل ستكون أخطاء جديدة لم تقع بها من قبل.

* خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»