جربتم الرئيس فجربوا الرئيسة!

TT

هل تكسر موريتانيا طوق الرئاسة الذكورية في العالم العربي، وتصبح عيشة بنت جدان أول رئيسة جمهورية في العالم العربي؟.. فلقد حاولت هذه المرأة خوض الانتخابات الرئاسية في عام 2003، في مواجهة الرئيس معاوية ولد الطايع وآخرين أمثال: أحمد ولد داداه، ومحمد خونة ولد هيداله، وقد كان شعار حملتها آنذاك: «جربتم الرئيس فجربوا الرئيسة».. وهي ترجع فشلها آنذاك إلى عمليات التزوير التي ارتبطت بتلك الانتخابات.

وتعتزم بنت جدان ترشيح نفسها للانتخابات الرئاسية القادمة في عام 2007، والذين يعرفون مكان ومكانة المرأة الموريتانية في مجتمعها، لا يستبعدون أن تكون موريتانيا الكاسر الأول للهيمنة السياسية الذكورية في فضائها العربي، فللمرأة هناك ثقلها الكبير اقتصاديا واجتماعيا، وذلك ما أدهشني حقا، حينما قمت بزيارة موريتانيا قبل عدة سنوات لأول مرة وأنا أحمل في ذهني صورة ضبابية لذلك البلد لا تتناسب مع واقعه ورقيه الإنساني، لأجد المرأة الموريتانية تنعم بقدر كبير من الحضور الاجتماعي، الذي يغبطها عليه الكثير من نساء العالم. والذي لم يذهب إلى موريتانيا لا يمكنه بحال من الأحوال أن يتخيل حال المرأة هناك، لعدم قدرته على التحرر من سياقات أوضاع المرأة المتعثرة على الخريطة العربية من الخليج إلى المحيط.. فالمرأة في موريتانيا قد نجت من أزمات الأنثى العربية المعاصرة بفعل تأثر الثقافة الاجتماعية الموريتانية ببعض الموروث البربري الذي يمجد المجتمع الأنثوي، وذلك ما يعلل به بعض الباحثين الموريتانيين مكانة المرأة في موريتانيا.

ولابد من التأكيد هنا أن حرية المرأة في موريتانيا، ومشاركتها للرجل في مختلف المناشط الاقتصادية والاجتماعية والسياسية تتم في إطار وثيق مع التزاماتها الدينية والأخلاقية، فهي تتسم بالعفة والاستقامة والصلاح، يدعمها في ذلك وعي الرجل الموريتاني، ورؤيته الإنسانية الحضارية تجاه المرأة وتفهمه لاستحقاقاتها كإنسانة ومواطنة.

وما زلت أذكر تلك الصحافية الفرنسية، التي جمعتني بها الصدفة على الطائرة المغادرة مطار نواكشوط إلى الدار البيضاء، حينما راحت تحدثني بلهجة موريتانية مكتسبة حديثا، عن الفارق في نوعية الحرية بين المرأة في موريتانيا والمرأة في الغرب قائلة: «إن حرية المرأة في الغرب تفرضها القوانين، بينما حرية المرأة في موريتانيا تحميها الفطرة الإنسانية السليمة».

تلك تداعيات مرت بالذهن وانعكست على الورق، وأنا اقرأ خبر إصرار السيدة عيشة بنت جدان على الإعلان المبكر بأنها أول المرشحين لخوض تلك الانتخابات الرئاسية في موريتانيا في عام 2007، فهل ستفعلها هذه المرأة الموريتانية، لتكون أول رئيسة عربية منتخبة تجلس على كرسي الحكم في التاريخ العربي الحديث؟!

[email protected]