احتجاز الرهائن يضر ولا يفيد

TT

النهاية السلمية لعملية احتجاز الرهائن في اسطنبول امس، واستسلام الخاطفين من دون مقاومة الى قوات الشرطة التركية، وتقديمهم «الاعتذار» للشعب التركي عن فعلتهم... وفرت على الاستقلاليين الشيشان خسارة تعاطف شريحة واسعة من الرأي العام العربي مع قضيتهم.

وقد يكون من الانصاف ان يسجل للمختطفين إفراجهم عن جميع الرهائن سالمين، بمن فيهم الرهائن الروس ايضا. مع ذلك، ورغم نهايتها السلمية، تظل عملية احتجاز سياح ابرياء، لا ناقة لهم ولا جمل في النزاع الروسي ـ الشيشاني، خطأ تكتيكيا حان الوقت لأن تتخلى كل الحركات الاستقلالية والتحررية عنه.

في عصر اصبح فيه للاعلام المرئي دور بارز في توجيه الرأي العام الخارجي، وأحيانا التأثير على موقف الحكومات منها، لم تعد القضايا الاستقلالية في العالم قادرة على تجاهل موقف الشارع الخارجي منها. وغير خاف ان عملية الاحتجاز التي جرت في اسطنبول تحولت وقودا جديدا في حملة الاعلام الروسي على الاستقلاليين الشيشان، ومبررا مجانيا لوصفهم بـ«الارهابيين».

ولم يسبق من قبل لعملية احتجاز للابرياء ان خدمت قضية سياسية أو قدمت استحقاقها.

قد تكمن عقدة القضية الشيشانية في ذلك التفاوت الواسع بين امكانات دعاة استقلال هذه الدولة الصغيرة، وامكانات خصمها، الدولة الروسية التي لا تزال، رغم انهيار الامبراطورية السوفياتية، قوة عالمية كبرى لا يستهان بها. وهذا الخلل الملموس في معادلة المواجهة الاستقلالية الشيشانية مع دولة عظمى قد يشجع بعض الاستقلاليين الشيشان على طرق كل الابواب المتاحة لتسليط الاضواء على قضيتهم. رغم ذلك تظل للقضايا الاستقلالية سمعة دولية لا يجوز الاستهتار بها، خصوصا حين يكون الخصم دولة كبرى يصعب حملها، بقوة السلاح فحسب، على تلبية المطالب المشروعة لشعب يتطلع الى ممارسة حقه الطبيعي في تقرير المصير. ومن هذا المنظور بالذات، توجب المعادلة غير المتكافئة بين الطرفين الشيشاني والروسي على دعاة الاستقلال الشيشان مراعاة الرأي العام الدولي، والسعي الى كسبه الى جانب قضية يتعاطف، مبدئيا، مع طروحاتها، فتأييد الغرب للقضية قد يكون العامل المرجح في اي ضغوط قد تمارس على موسكو لملاقاة الاستقلاليين الشيشان في منتصف الطريق على الاقل.