مقاطعة اجتماع المقاطعة

TT

لم يكتمل النصاب القانوني وبالتالي لم يلتئم اجتماع مكتب مقاطعة اسرائيل الذي عقد في العاصمة السورية اول من امس. والنصاب المطلوب هو ثلثا اعضاء الجامعة العربية، مما يعني ان اكثر من ثلث الدول العربية غير متحمس لإحياء المقاطعة التي خصص الاجتماع من اجلها.

ومع ان التقرير يقول ان معظم الغائبين لم يقدموا مبررا الا ان مبررات الغياب مفهومة ويمكن ان نستعرضها عنهم بالنيابة. فالمقاطعة العربية لاسرائيل كانت سلاحا مساندا فعالا للفلسطينيين الى ما قبل مؤتمر مدريد الذي عقد في عام 91. ونجت المقاطعة كسلاح من افخاخ النزاعات العربية فاتفق عليها العرب وان كانت تطبيقات المقاطعة نفسها عادة محل ملاحظات، خاصة من دول تضررت منها، وهي ملاحظات ليس هذا مجال شرحها.

الجانب الآخر اننا يجب الا ننسى ان هناك ثمنا يتعين دفعه مقابل رجوع غزة واريحا وما تبعهما من تنازلات اسرائيلية ارضية وادارية، والثمن كان رفع المقاطعة عربيا والتزام السلطة الفلسطينية بالغاء الكفاح المسلح. والحقيقة ان التنازلات نسبيا كانت اقل مما طلبه الاسرائيليون حيث تمسك الجانب العربي بمقاطعة الشركات الاسرائيلية وحرمانها من تسويق منتجاتها في العالم العربي واستثنى سوقه المفتوحة للشركات الأجنبية.

محاولة احياء كل المقاطعة لم تعد مجدية ولا ممكنة اولا لأن تأثيرات منع البضائع الاجنبية محدودة سياسيا، وثانيا لأن اخراج الفيل ليس مثل ادخاله. فقد وقعت عقود ووزعت حصص تجارية واصبح هناك واقع تجاري جديد ليس سهلا شطبه بقرار من مكتب المقاطعة. وطالما ان المقاطعة قائمة ومطبقة ضد السلع الاسرائيلية وهي الدولة المعنية اساسا بالحرب والمضايقة فانها كافية على الأقل لسبب عملي واحد وهو عدم وجود رغبة عند معظم الحكومات العربية بالعودة الى مقاطعة الشركات من الدرجة الثانية. ان التفكير بملاحقة الشركات غير الاسرائيلية وسد الباب في وجه البضائع اثبت في الماضي انه لم يفد كثيرا في الضغط على الدول الكبرى المعنية مثل الحكومات الاميركية والاوروبية الغربية. لم نعرف حالة واحدة غيرت فيها حكومات اجنبية موقفها او رضخت لمطالب بسبب المقاطعة لأن حجم تجارة هذه الشركات الممنوعة سابقا مع السوق العربية ضئيل للغاية. اما مقاطعة الشركات الاسرائيلية فقد استمر حتى هذا اليوم من اهم الاسلحة التي يحتفط بها العرب. ولا تزال ورقة مهمة في المساومة، فاسرائيل تعتبر فتح السوق العربية امام منتجاتها يمثل هدفا استراتيجيا مستعدة لمقايضته بمواقف سياسية رئيسية. لهذا فان سعي مكتب المقاطعة لاحياء حرمان الشركات الاخرى من السوق العربية لن يواجه نجاحا ولا حماسا بين بقية الاطراف العربية وحري بأن يطوى ملفه.