سيناريو الحرب الشاملة

TT

سألت عددا من متخذي القرار في عدد من الدول العربية عن سيناريو الحرب الشاملة في الشرق الاوسط، ووجدت ان الجميع يتكلم عن استحالة هذا السيناريو، ويعللون ذلك بالوضع الاسرائيلي الداخلي، والموقف الدولي، وتحديدا الاميركي وغيرها من المبررات.

استبعاد سيناريو الحرب يشكل خطرا على المنطقة، وربما مغامرة غير محسوبة النتائج، واذا كانت الحرب شاملة مستبعدة، فهي ليست مستحيلة، وواقع الشرق الاوسط تاريخيا، وتجربته مع التغيرات المتسارعة والمفاجئة يتطلب وضع امكانية الحرب امام اعين متخذي القرار تجنبا لأية مفاجأة او مغامرة.

اسرائيل يحكمها مجانين، وهؤلاء لم يتركوا لاحد خيارا غير العنف، بما في ذلك اكثر العرب والفلسطينيين «واقعية» ورغبة في السلام، وربما تتطور الامور بشكل متسارع في ظل حكومة شارون، ثم نجد انفسنا وجها لوجه امام معاملة حرب جديدة، صغيرة كانت ام كبيرة، من دون استعداد، ومن دون حسابات الحرب.

فقط لنتخيل، عملية فدائية كبيرة في اسرائيل يكون ضحاياها عددا كبيرا من الاسرائيليين، تقابلها ردة فعل عنيفة من شارون تنتهي بضرب لبنان، والجيش السوري، وربما الدخول في مواجهة مباشرة، وربما قصف دمشق نفسها، وهذه الاحتمالات ليست غريبة على الشرق الاوسط، ماذا سيكون الموقف العربي، تحديدا المصري والاردني وهما دولتا مواجهة من جهة، وموقعتان على اتفاقية سلام شامل مع اسرائيل من جهة اخرى.

احتمال الحرب سيظل قائما، ومهما كانت نسبة هذا الاحتمال، فان الامم الذكية لا تتعامل مع القضايا الكبرى، ومع حياة الناس بنسبة الاحتمال مهما كانت ضئيلة، بل تضع كل السيناريوهات، والشرق الاوسط منطقة لا يمكن ان تتوقع فيها ما يمكن ان يحدث. فعرفات المقاتل اصبح يعيش على بعد امتار من قوات اسرائيل، واسرائيل التي كان اسمها «دولة العصابات» و«الدولة الصهيونية» و«دولة العدو» اصبحت اعلامها ترفرف على عواصم عربية كثيرة. وشارون القاتل اصبح رئيسا للوزراء، وما كان من محرمات الامة يوم امس اصبح من الامور العادية والمقبولة.

الشرق الأوسط منطقة رمال متحركة، وسيخطئ العرب خطأ استراتيجيا كبيرا اذا استبعدوا سيناريو الحرب الشاملة تحت اية حجج وذرائع.