السعوديون والمصريون حسموا موقفهم

TT

صحيح انها قمة سعودية ـ مصرية باخبار هادئة واضواء خافتة، لكنها فعليا حسمت موضوعا في غاية الخطورة. القمة أحيت المبادرة العربية واعتبرتها محور الحركة.

البيان الذي صدر عن لقاء الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس حسني مبارك لم يشترط ولم يطالب ولم يحذر، إلا أنه حسم أمره بشأن الخلاف الصاخب الذي أحدثه قرار حركة حماس برفض الالتزام بما وقعت عليه السلطة الفلسطينية من قبل، بما في ذلك المبادرة العربية التي تبنتها جميع الدول العربية في قمة بيروت واعتبرتها اساسا لأي عملية تفاوضية مع إسرائيل. تلك المبادرة حمت الفلسطينيين من هرولة الحكومات العربية الى اقامة علاقات مجانية مع اسرائيل، ووضعت حدا أدنى لا يجوز لأي مفاوض التنازل عنه.

«حماس»، وان لم ترفض المبادرة صراحة لكنها رفضت الاعتراف بها، واختارت اسلوب المداورة، معلنة انها ليست بصدد الاعتراف بها طالما ان اسرائيل ترفضها. وهي حجة واهية لأن المبادرة مثلت المطالب العربية، والفلسطينية على رأسها، لا الاسرائيلية! مطالبها كل الأرض المحتلة منذ حرب 67، والقدس عاصمة، ودولة فلسطينية بسيادة، وحق العودة للاجئين. ومن الطبيعي ان ترفضها اسرائيل، أما حماس فان رفضها يعبر عن استخفاف وإهانة لكل تلك الجهود الكبيرة. تلك المبادرة ضمنت كل مطالب الاطراف العربية التي التقت في بيروت وأقرت من قبل الوفد الفلسطيني. واتذكر ان وفدا عربيا اقترح تخفيفها لتكون مغرية للطرف الاسرائيلي بشطب فقرة حق العودة وتركه للمفاوضين لاحقا، لكن المؤتمرين أصروا عليها كاملة. لهذا معيب ان تلتقي حماس مع المتطرفين الاسرائيليين الذين رفضوها لحظة اعلانها، وهاجمها مكتب رئيس الوزراء الاسرائيلي آنذاك أرييل شارون.

واذا كانت حماس تقول انها تمثل الشعب الفلسطيني عن حق فلتقبل اقتراح الرئيس محمود عباس، وهو الآخر منتخب من نفس الشعب. أبومازن قال انه بدل الاختلاف مع حماس وتفريق الصفوف فان الافضل الاحتكام الى الشعب الفلسطيني حول المبادرة العربية، فان قبلها صار الالتزام بها واجبا، وان رفضها فسيحرم على أي فلسطيني التفاوض بشأنها. إلا أن حماس ردت على فكرة الاستفتاء بانه مضيعة للمال وبعثرة للجهود.

نحن امام قول غريب، فهل الاحتكام الى اهل القضية في مسألة مصيرية مضيعة للمال وتبديد للجهود؟ أم أن التبديد، وربما تسييل الدماء، هو اهمال رأي الشعب الفلسطيني صاحب القول الأول والأخير؟

ابومازن، في حقيقة الأمر، منح حماس مخرجا مهما، كونها الحكومة اليوم، وتعاني من نقص الدعم المالي الدولي، وتواجه استحقاقات موقعة، وفي نفس الوقت لديها جمهور ربما يختلف مع كل ما ذكر سابقا من مطالب. بالاحتكام الى المواطن نفسه صارت حماس تنفذ مطلب الاغلبية التي انتخبتها لا الاقلية. ان كل الحكومات الديمقراطية في العالم تحتكم الى مواطنيها في ساعات الحسم الرئيسية، كما فعلت الحكومات الاوروبية قبل ان تدخل الاتحاد الاوروبي. لم تقل تلك الحكومات انها بعثرة للمال والجهد.

 

[email protected]