تداعي الأفكار هو المسؤول. فلو لم اقرأ ما كتب عن قضيتي ميليسا ميلر وجوليا ماكفارلين لما تذكرت ابن خالتي ورفيق طفولتي، الذي اصبح في ما بعد عالما في الكيمياء الحيوية. كان متفوقا في العلوم وانا في العلوم متوسطة المهارات. كنت متفوقة في اللغات فكان تفوقي يغيظه فيعبر عن غيظه بانتزاع حق من حقوقي او لعبة من العابي، فانهره. فان نهرته جذبني من شعري فلا يسعني الا ان ارد العدوان بمثله، فيتعالى الصياح وتهرع والدتانا الي مكان الاشتباك. أقول هو البادئ فلا يسمعني أحد. اشعر بالظلم والحنق وتستميت يدي على خصلة شعر الظالم الي ان يفك الاشتباك قسرا، ويصدر فرمان غاضب بألا يكلم احدنا الاخر. وتمر ساعة صمت او ساعتان، ثم ينظر احدنا الى الاخر ويبتسم وتعود العلاقات الاخوية الي سابق عهدها قبل الشجار.
مجلس اللوردات البريطاني حكم في قضية جوليا ماكفارلين ضد زوجها كينيث بعد الطلاق. حكم اللوردات بأن تحصل جوليا على نصف ممتلكات كينيث ونفقة مدى الحياة قدرها 250.000 جنيه سنويا. كيف ولماذا؟
جوليا تزوجت كينيث وكلاهما صاحب مهنة ووظيفة مجزية، ثم قرر الزوجان ان تستقيل جوليا من الوظيفة وتتفرغ لتربية اولادهما الثلاثة، وتوفر للزوج حياة اجتماعية مستقرة. وبعد 18 عاما طلب كينيث الطلاق. فطالبت جوليا بالتعويض عما ضحت به لكي تكون زوجة كينيث واما لاولاده ومديرة لبيته ومضيفة لاعوانه وزملائه وحبيبة تحت الطلب لمدة 18 عاما، ثم تنكر لها كينيث فحكم مجلس اللوردات لصالحها.
اما حكاية الان وميليسا فتختلف في التفاصيل لأن الزواج لم يدم سوى عامين ثم اكتشفت ميليسا ان الان يخونها مع اخرى فطلبت الطلاق، وحكم اللوردات بالنفاذ وبتعويض قدره خمسة ملايين جنيه، وجاء في حيثيات الحكم ان الزوج الخائن مسؤول عن انهيار الزواج، لأن الخيانة فعل عدائي نحو الزوجة. وان الزوجة التي ترتبط بزوج ثري تتوقع مستقبلا ماديا مريحا، فان طلبت انفصالا عن زوج خائن جاز تعويضها ماديا من ماله. وثار جدل شديد حول عدالة الحكم، واعتبر ضربة جديدة لمؤسسة الزواج. وعندها تذكرت مشاحناتي في الطفولة مع رفيقي المتفوق في العلوم، الذي لم يعجبه ان اتفوق في اللغات فأوجعني حتي علمته ان البادي اظلم. ولعل اطرف ما قرأت عن افعال الازواج بحق الزوجات، ما جاء عن سايمون روفر، الذي هجر زوجته الى مدينة اخرى فكتبت له الزوجة رسالة تلغرافية مقتضبة قالت فيها: زوجة وطفل يموتان جوعا. فرد سايمون برسالة تلغرافية مساوية في القصر قال فيها: كلي الطفل.
زوجة اخرى اكتشفت على غير انتظار خيانة زوجها فاشترت له دستة جوارب سوداء ودستة جوارب بنية ودستة مناديل، وتركت له ورقة كتبت عليها عنوان الطبيب ورقم هاتف السوبر ماركت ورقم الخادمة، وانتزعت من بطانة معاطفها وفساتينها بطاقة كانت كتبت عليها: زوجة جوليو (اسم زوجها) وحملت نفسها الي مكتب المحامي لرفع قضية.
وفي طرفة اخرى، كان زوجان اميركيان يصارعان الفقر لمدة طويلة معا، ثم قررا فتح مطعم في نيويورك. ونجح المشروع وتحسنت الاحوال، فقررت الزوجة ان تدفع نفقات طقم اسنان جديد لوالد زوجها، الذي اصابه الهزال بعد ان فقد اسنانه. وما ان حصل العجوز على طقم اسنان جديد حتي هجر زوجته الي امرأة اكثر شبابا. أن تتزوج او لا تتزوج تلك هي المعضلة. ان تزوجت اختر ذات الدين الذكية لأن رفقتها تمتعك ولأنها تعرف قدرها وتعرف قدرك. ولا تفكر في خيانتها. فإن فعلت توقع ان تنال ما تستحق حين يتحالف عليك الدين والقانون وذكاء المرأة.