الكويت تنتخب

TT

غرقت هذا الصباح في كومة من الصحف. كل صحيفة مائة صفحة على الأقل. والموضوع واحد: مجلس الأمة 2006. ومع المائة صفحة ملحق إضافي في كل صحيفة. والموضوع واحد: مونديال 2006. والتخمينات كثيرة. والنتائج لا تعرف إلا في التصفيات النهائية. هنا وهناك.

لكن برلمان 2006 لن يشبه، على الأرجح، أي برلمان سابق. فالمرأة تقترع للمرة الأولى. ولكن هذا لا يعني أنها ستصل حتما إلى المجلس، ولا يعني أيضا أنها ستؤيد دعاة قضاياها ومؤيديها. وربما فعلت العكس تماما. ألم يقل نابوليون «فتش عن المرأة» بعدما ركع أمامها فركعت على عنقه؟ يقال هنا، والقائلون من أهل العلم، إن المرأة المقترعة قد تزيد في مقاعد الإسلاميين. وهي مقاعد ستزداد عددا في أي حال. فالتحالفات الانتخابية في المعركة لا تصدق. وهكذا ستأتي النتائج.

بالإضافة إلى التحالف الضمني بين المرأة التي تقترع للمرة الأولى وتكتل المتشددين، هناك توافق او تواطؤ بين المتشددين والليبراليين في بعض الدوائر. وسبحان المغير، فالقوميون الذين ذابوا في الليبراليين الذين تخالطوا بالمستقلين، قد يفعلون ما يفعله السياسيون في كل مكان: هات ما عندك وخذ ما عندي. والحساب في نهاية الحصاد. قلب غزو العراق للكويت صفحة اسمها المرحلة القومية. لقد كانت المرارة أثقل من الخيبة. وعندما كتبت قبل اشهر في رثاء حمد العيسى أقول انه كان في بداياته حليفا للبعث، أرسلت أرملته من يعاتبني: لم يكن أبو عمر في اي مرحلة من شبابه مؤيدا للعسكريين والنزعات الديكتاتورية! كيف لصديق ان يقول ذلك، في وفاته. وأرسلت اعتذر من ام عمر. كنت أهدف الى التشديد على خط ابو عمر القومي. لم اكن اقصد انه أيد العسكريين، او انه تخلى لحظة عن تلك القناعة المجلجلة بالحرية.

على بعد أميال قليلة من هنا، من قلب الكويت وشارع عبد الله السالم، تدور في العراق، رحى حرب او حروب، مجهولة الأبعاد والاماد. وعلى بعد أميال قليلة تتصارع قوى الأرض وباعة مفاتيح السماء. ولكن الكويتيين غير عابئين. هناك هموم أكثر إلحاحا الآن: كيف تقنع الحكومة بإسقاط القروض (نعم، مرة أخرى). فلا قضايا خارجية. ويقول ديبلوماسي عريق ان الدستور الكويتي دستور خيري والنظرة إلى الدولة أنها سلة من الهبات، وهناك 400 مرشح لخمسين مقعدا يعتقدون، صادقين، أن المسألة مسألة حلبة وملاكمة في كل الاتجاهات.

كنت على موعد مع رئيس الوزراء الشيخ ناصر محمد الأحمد. ثم أجلت مجيئي أسبوعا لأنه اضطر للسفر إلى جنيف، حيث جامعته القديمة. وعندما وصلت بعد أسبوع قيل لي إن الشيخ ناصر أصيب بنزلة برد فمدد البقاء في جنيف أسبوعا آخر. غير أن حمى الانتخابات لم تشأ تصديق تمديد زيارة جنيف، فسرت إشاعة تقول إنه مرض سياسي، وسرت إشاعات أخرى تقول إنه مرض صحي أكثر مما أفصح عنه. وفجأة ظهر الشيخ ناصر في مستشفى أميركي وقد أجرى عملية عاجلة في الكلية. للأسف لم تكن هناك طريقة أخرى لنفي الإشاعات في الكويت.

إلى اللقاء