اتقوا الله ولا تتعاطفوا مع الزرقاوي

TT

لا شك أن مما يثلج صدر كل مؤمن غيور على دينه، وحريص على سمعة أمته، هو أن يسمع بانحسار فكر منحرف منسوب للإسلام، وهو مشوه له في الحقيقة.

فكر منحرف خارجي استباح دماء المسلمين، أو المعصومين من غيرهم، واستمرأ التكفير وأوغل في التدمير والتفجير، ولطخ صورة الإسلام والمسلمين، وتسبب في مفاسد كثيرة، لا يحصرها عد، ولا يحصيها فرد.

مفاسد كثيرة تسبب بها هذا الفكر الخارجي، منها حدوث هذه الهجمة الشرسة على المسلمين عموما من جهات كثيرة؛ هجمات على مناهج التعليم في بلاد المسلمين، وحصار للقرآن والسنة، واحتلال لبعض بلدان المسلمين، وأسر لبعض الأبرياء بمجرد الشبهة، بسبب هذا الهرج والمرج، وحدوث الحرب بين تنظيم القاعدة وبعض الدول في العالم.

نعم، إن مما يثلج الصدر أن هذا الفكر بدأ يضمحل وتتهاوى رموزه، وتتساقط قياداته، وان مما نراه، للأسف الشديد، هو استمرار بعض المسلمين في التعاطف مع الزرقاوي، أو مع من سيخلفه. هذا الزرقاوي الذي تبنى فكر القاعدة المنحرف، وهو فكر خارجي تكفيري، لم يجلب للمسلمين إلا كل شر.

لقد تعامى هؤلاء المتعاطفون عن الأعمال الوحشية الإجرامية المخالفة للدين والعقل التي قام بها الزرقاوي وتنظيمه في العراق وخارج العراق أيضا، وقد بان لكل ذي عينين أن أعمال الزرقاوي هذه لم تعد في العراق فقط، بل امتدت إلى أماكن أخرى، وطمع هذا الرجل بساحات متعددة، وقد بين أطماعه تلك بالقول والفعل، ومنها التفجيرات التي حصلت في الأردن وأزهقت الأنفس المحرمة.

إن الإسلام بريء كل البراءة من هذه الأفكار والأعمال الضالة. فالجهاد في سبيل الله له شروطه وضوابطه في نوعيه: قتال الدفع، وقتال الطلب.

ومن هذه الضوابط وجود الراية الصحيحة، وتوفر قيادة الإمام المعتبر، واجتماع كلمة المقاتلين على تلك القيادة.

إن استغلال اسم الإسلام ومفهوم الجهاد لإشاعة الفوضى بين المسلمين واستباحة دمائهم وأموالهم وتفريق كلمتهم وتشتيت شملهم وإضعاف موقفهم، وتسليط الأعداء عليهم، وتشويه صورة الإسلام بأبشع الطرق، ومن هذه الطرق ذبح البشر من الوريد إلى الوريد، وعرض ذلك أمام ملايين المشاهدين في وسائل الإعلام، مما دفع البعض إلى النفور من الإسلام، وكره المسلمين، بسبب فعل شواذ منهم، لا يحسبون على الإسلام وأهله.

اتقوا الله أيها المسلمون، واعرفوا حقيقة دينكم الصافية، وأحكام ملتكم الراشدة، وسيرة نبيكم، وسلفكم الصالح، من أئمة الهدى، وكونوا خلف العلماء الراسخين والفقهاء المبرزين في التعرف على أحكام دينكم، بدل أن يكون البعض من المسلمين سائرين خلف أنصاف المتعلمين، أو المتعالمين...

* فقيه سعودي ومستشار قضائي

في وزارة العدل السعودي