إنها بداية الكارثة بلا جدال ..!

TT

قضية الدفء الحراري، بالنسبة للبيرو، ليست مجرد «حقيقة مزعجة» ولكنها واقع يومي، ولا سيما بالنسبة لوادي نهر اوروبامبا، منشأ حضارة الانكا. فمشاهدة شروق الشمس من قمة اطلال الانكا في ماتشو بيتشيو، تتيح لك نظرة بانورامية ورؤية جبال الانديز في كل مكان.

وتصف الكتب السياحية دائما هذه الجبال بأنها «مكسوة بالثلوج،» الا ان الثلوج اصبحت الان متناثرة فوق قمم الجبال.

لا تزال توجد ثلوج فوقها ولكن الصخور تبدو في كثير منها. واذا ما استمر هذا الاتجاه فستوصف، خلال عدة سنوات، بأنها «رمادية»، والجبال الثلجية العظيمة في الانديز تذوب وتتراجع بمعدل يصل الى مائة متر في كل عقد من الزمن.

ويصف رفيقي في الرحلة الفريدو فيريروس، مؤسس السياحة البيئية في البيرو، الذي يشغل الان رئاسة القطاع البيروفي «عندما بدأت بتسلق جبال الانديز قبل 30 سنة، كانت العديد من البعثات تصل الى القمة مباشرة عبر الكتل الثلجية الدائمة، اما الان فعلى البعثات المرور عبر الشقوق الجليدية وزيادة التعرض لاخطار الانهيارات الثلجية، بسبب عدم استقرار القمم الثلجية. وهو يرجع الى تغييرات في درجات الحرارة والتقلبات في الامطار».

احتياطات المياه في بيرو تتمثل في الكتل الثلجية الدائمة ومناطق الانديز الممتلئة بالجليد. ويقول فيريروز «بما ان هذه المساحات آخذة في الانكماش من دون بديل، فلا يعرف ماذا يحمل المستقبل للسكان هناك، سواء كان الحديث حول الحاجة الى المياه التي تستخدم في الزراعة او حول مياه الشرب او المياه التي تستخدم في توليد الطاقة».

تأثرت ايضا الحيوانات والكائنات في بيرو، ذلك ان منطقة الانديز تعتبر واحدة من اكثر مناطق العالم من حيث التنوع، إذ تحتوي على نباتات وحيوانات نادرة. كما ان غاباتها المطرية وجبالها وسهولها خلقت مناطق مناخية توفر موطنا طبيعيا للكثير من الكائنات التي تنمو وتتطور بمعزل عن كائنات اخرى. وفيما يحدث التغير المناخي تحولا في الحدود الفاصلة بين هذه المناطق، لا تجد هذه الكائنات مكانا آخر مناسب.

ويرى غلين بريكيت، نائب رئيس المنظمة العالمية لحماية البيئة، ان القلق داخل الولايات المتحدة يتركز حول آثار التغير المناخي في وقت تعاني فيه البلاد من أعاصير وعواصف ساحلية مثل «كاترينا»، إلا ان هناك الموارد اللازمة للتكيف. فدول مثل بيرو، كما يقول، لا تشعر فحسب بالتغير المناخي أكثر من مناطق اخرى لأن نسبة كبيرة من سكانها تعتمد اعتمادا كليا على الأرض، وإنما تفتقر الى الموارد اللازمة للتكيف مع التغيرات المناخية.

كما ان الأمر الأكثر سوءا، هو ان بيرو تسمح بإجراء المزيد من عمليات استكشاف النفط والغاز للاستفادة من ارتفاع اسعار الطاقة. بمعنى آخر، افتقار بيرو الى تنوع الصادرات اضطرها للاستسلام لإدمان النفط.

يمكن للشخص من هنا النظر بوضوح الى الحلقة العالمية المفرغة التي نعيش داخلها ويتعين علينا كسرها. ولمواجهة التغير المناخي نحتاج الى التخلص من إدماننا على استهلاك النفط، فيما تحتاج الدول النامية الى التخلص من إدمانها على بيعه. نحن في حاجة الى نموذج حياة مختلف، وهم في حاجة الى نموذج تنمية مختلف. وما لم نعمل معا ستصبح خصائص البيئة التي تتسم بالتنوع في الانديز مجرد تاريخ فقط.

* خدمة «نيويورك تايمز»