مصر.. من يستحق الرسوب؟

TT

لم استطع تجاوز قصة الطالبة آلاء، التي تدخل الرئيس حسني مبارك من أجل إنجاحها من الصف الأول الثانوي إلى الثاني بعد حجب درجاتها بسبب كتابتها في ورقة الإجابة شتائم للرئيس الأميركي، وانتقادا لنظام الحكم بمصر. القضية أكبر من أن تمر مرور الكرام.

فهل تستحق الطالبة النجاح؟ ربما يجادل البعض بنعم ولا. ولكن من يستحق الرسوب؟ قناعتي أن من يستحق الرسوب هو النظام التعليمي نفسه الذي أفرز هذه الطالبة، وأمثالها كثر. والأمر لا ينطبق على مصر وحدها، بل العالم العربي كله، حيث اختلط الحابل بالنابل في التعليم.

ففي المدارس والجامعات لا تقر إلا المناهج المتفق عليها، ويحجب كل ما يساعد الطالب على الإبداع، مثل القراءات الإضافية والبحوث، بينما يتفنن كثير من المعلمين والمعلمات، وكذلك أعضاء هيئة التدريس في الجامعات، في بث أفكارهم وتحليلاتهم الخاصة في السياسة والدين والاقتصاد، مما يساعد على الشحن، وتوليد مواقف غير واعية بسبب قراءة قاصرة.

وهذا ما دعا الأمير خالد الفيصل إلى عقد ندوة بمسمى «المنهج الخفي» حيث أن هذا الشر قد طال ويطول السعودية، مثل كل دول العالم العربي. فمفهوم الحرية في عالمنا العربي اليوم أصبح مرادفا للفوضى!

منذ كنا صغارا في المدارس يردد على مسامعنا بيت أحمد شوقي:

قم للمعلم ووفِّه التبجيلا

كاد المعلم أن يكون رسولا

ولم أسمع طوال حياتي التعليمية، وحتى اليوم، أحدا يكمل أبيات القصيدة ليرى أن شوقي يقول، في القصيدة ذاتها:

وإذا المعلم ساء لحظة بصيرة

جاءت على يده البصائر حولا

وإذا أتى الإرشاد من سبب الهوى

ومن الغرور فسمه التضليلا

وللأسف هذا هو واقعنا، فلدينا حول تعليمي وهوى وغرور، فبدلا من أن تختزل قصة الطالبة آلاء في موقف سياسي، ويتم إنجاحها، ويطوى الملف، فيجب أن يفتح باب تطوير، بل إصلاح التعليم، وتكون نقطة الانطلاق من المعلم والمعلمة.

فإذا كان قائد المركبة مطالبا بتجديد رخصة القيادة في فترات محددة، أليس من الأجدى أن يخضع قادة أهم وأصعب المراكب، أي الأجيال، إلى التقييم المستمر والتطوير.

وقبل هذا وذاك مناهج التعليم، وهنا لا أقول تخفيف مواد الدين أو إضافة نص على حساب نص، بل اعتماد مناهج تعليمية تساعد على إخراج جيل يحظى بالمهارات المطلوبة، والمقدرة على التفكير الخلاق.

وعندما يستطيع الطلاب والطالبات طرح الأسئلة على معلميهم من دون خوف يكون الوقت ملائما للحديث عن الحرية، المسؤولة بالطبع.

[email protected]