هل أوشكت مواجهة إسرائيل ـ إيران؟!

TT

فقط هي أيام قبل أن نشهد ضربا للمفاعلات النووية الايرانية، لأن ما يحدث في غزة أو في جنوب لبنان، ما هو إلا خلق جو من الغبار والضباب كي تمر من خلاله الطائرات الاسرائيلية او الامريكية لتضرب المفاعلات دونما معرفة الجاني أو من قام بالمهمة.. قد يبدو هذا الطرح قفزا فوق الحقائق، ولكن دليلي هنا هو اننا في حالة مواجهة حتمية بين ايران واسرائيل تحكمها ظروف موضوعية لا بد من الاعتراف بها، ويبقى كل من «حزب الله» و«حماس»، أو حتى سورية، مجرد أدوات في هذا الصراع. صراع ان حسم دبلوماسيا، وهو أمر غير وارد، ستضحي طهران بورقتي «حزب الله» و«حماس».. وان حسم عسكريا ايضا، سيكون «حزب الله» و«حماس» هما الضحية، لماذا؟!

بغض النظر عن الدول، نحن الآن أمام مواجهة بين ملفين سياسيين في المنطقة، أحدهما اسرائيلي والآخر إيراني.

إسرائيل تحاول أن تنفذ استراتيجية ايهود اولمرت الخاصة بالانسحاب الاحادي، او الاحادية الاستراتيجية، كما يسميها الجماعة في اسرائيل، وايران تحاول أن تكسب وقتا للحصول على القنبلة.. في الانسحاب الاستراتيجي ضرر بمصالح ايران، وفي الحصول على القنبلة تهديد لإسرائيل، فمتى يتناطح هذان الملفان؟

ولأن الدول الغربية متفقة تماما حول الملف النووي الايراني، رأينا جورج بوش يبارك، تقريبا، عملية تكسير «حزب الله» عن طريق القوة الاسرائيلية، كذلك كان هناك تأييد من مارجريت بيكيت والخارجية البريطانية. الفارق الوحيد هو دعوة بيكيت إسرائيل لاستخدام الحذر في مسألة الخسائر من المدنيين. الدول المناهضة لطهران جميعها لم تدن العملية الاسرائيلية.

البعض يدعي ان اسرائيل وقعت في شرك نصبته لها طهران، فدخلت الى غزة والى لبنان، ودخلت في مواجهة مع «حزب الله» و«حماس»، لكن الحقيقة هي ان طهران، وربما بعض دول المنطقة، يلهيها الغبار فوق غزة وبيروت، فتركز على الصراع بين اسرائيل و«حماس»، غير مدركة انه في وسط هذا الضباب والغبار، قد يحلق سرب من الطائرات، التي لن يعرف انها امريكية ام اسرائيلية، لضرب المفاعلات النووية في ايران.

ما يحدث في غزة وفي لبنان، لا يمكن أن يكون هو الهدف لاستخدام القوة الاسرائيلية، لأن استخدام القوة في الغالب يكون وراءه هدف استراتيجي. القضاء على «حزب الله»، او حتى على «حماس»، لا يمثل هدفا استراتيجيا لدى العسكرية الاسرائيلية.. «حزب الله» و«حماس» هما أداتان لمخطط أكبر ولمواجهة دولة أكبر.

لذا أميل الى ترجيح ضرب المفاعلات، على انه هدف اسرائيل الاستراتيجي، لأن «حزب الله» و«حماس»، هما جماعتان يمكن لاسرائيل التعايش معهما في إطار إدارة الصراعات طويلة الأمد، أما النووي الايراني فهو خطر استراتيجي يمس مسألة بقاء اسرائيل من عدمه.

واعتمادا على كل هذا، أقول بأن المحطة الثانية للصراع هي مواجهة بين اسرائيل وايران، لا مواجهة بين «حزب الله» واسرائيل، سيأتي اليوم الذي تضرب فيه اسرائيل العنوان الرئيسي لـ«حزب الله»، لا العنوان الفرعي.

ردة الفعل الدولية لعمل اسرائيلي ضد ايران قد تكون متحفظة في البداية، لكنها ستبارك العمل في النهاية.

سيدعي كثير من الغربيين بأن جورج بوش وحلفاءه الاوروبيين، لن يسمحوا لإسرائيل بسرقة المبادرة منهم في حسم الملف الايراني، هذا ليس صحيحا لأن الخيارات الامريكية والاوروبية فيما يخص النووي الايراني محدودة.

العرب سيباركون القضاء على النووي الايراني لسبب واحد، وهو ان المنطقة اليوم تشهد مواجهة بين الحركات والدول.. «حزب الله» ضد الدولة في لبنان، و«حماس» ضد شبه الدولة في فلسطين. ورغم ان «حماس» و«حزب الله» جماعتان عربيتان، الا ان الدول تتحالف مع الدول، ولن تتحالف مع حركات تريد تقويض أساس الدولة.

الدول العربية ستقف مع الدولة لا مع الحركة، كما ان الدول الغربية سيكون لها نفس الموقف ايضا.

وربما في حسبة المواجهة الاخرى غير المعلنة بين التحالف الشيعي الاستراتيجي في مواجهة دول سنية في المنطقة، قد ينحاز العالم، بما فيه اسرائيل، الى صف السنّة، ذلك لأن الشيعة اليوم هم «الحركة»، بينما يمثل السنة منطق «الدولة»، وكما ذكرت سالفا، الدول تتحالف مع دول ولا تتحالف مع حركات.

إسرائيل لها مصلحة كبرى في ضرب المفاعلات الايرانية، أولها القضاء على تهديد حقيقي يهدد وجودها، وثانيها هو أن اسرائيل اليوم تحس بتضاؤل دورها في المنطقة وقلة نفعها للدول الغربية، ففي الوقت الذي توجد فيه القواعد الامريكية في قطر مثلا، ترى اسرائيل ان لا حاجة لأمريكا بها.. ولكن لكي تؤكد انها ما زالت هي الدولة الاهم، سيقوم الطيران الاسرائيلي في هذا الجو المليء بالغبار بإنجاز مهمة القضاء على النووي الايراني، وبذلك تعود اسرائيل الى مكانتها لدى الغرب، وقد تكافأ بالقبول بالانسحاب الأحادي. ومن هنا، يبدو واضحا ان المواجهة بين تل ابيب وطهران باتت حتمية ووشيكة.