دوختني كلمة (بوشير) وعرفتها

TT

لا أنطق أي اسم أجنبي إلا إذا قرأته حتى لا أخطئ في النطق. فإذا لم يتيسر لي أن أقرأ هذا الاسم فإنني أتفادى نطقه. وقد وقعت صحف مصر والإذاعة والتليفزيون في مشكلة كيف ينطقون اسم الزعيم السوفياتي خروشوف. فقد نشرته الصحف والإذاعة هكذا حروتششوف وخروتشيف وخرشوف، وكان لا بد أن نسأل السفارة الروسية كيف ينطقون اسم زعيمهم. واسم وزير داخلية بريطانيا اسمه هوم وينطقونه هيوم وبطل الكرة الانجليزية دافيد بكهام وينطقونه بكام، وغير ذلك من الأسماء الألمانية والإيطالية والإسبانية وهناك حكايات ونوادر. وفي حديث مع الصديق حسن إبراهيم نائب رئيس الجمهورية جاءت على لسانه، وكان رجلا أنيقا، كلمة بوشير.. قميص بوشير. ولم أجد في القاموس الفرنسي هذه الكلمة ولا في الإنجليزي ولا في اللغات الأخرى. ونظرت إلى قميصه ولم اعرف الفرق بينه وبين القمصون الأخرى ولم أجد الشجاعة في أن أسال مصممات الأزياء كما كنت افعل عندما كنت محررا للموضة في صحيفة «الأهرام» من خمسين عاما.

وقررت أن اعرف ذلك بنفسي وظلت هذه الكلمة واقفة في أذني لا أعرف كيف أتخلص منها ولا كيف أصرفها عني كالعفاريت.

وأخيرا في مذكرات إليزابيث تايلور وجدتها تتحدث عن احد أزواجها فقالت انه (بو) العصر الحديث.. وبو كلمة فرنسية بمعنى جميل.. ولم تتحدث عن جماله وإنما عن أناقته وشياكته وكيف انه كان يختار ملابسه الداخلية وكيف يجعلها تتماشى مع الخارجية مع أن أحدا لا يرى ذلك.

وعرفت أن (بو) هذا هو اسم شخص اسمه جورج بو روميل مات 1840 عن 78 عاما. هو شاب إنجليزي تسلل إلى البلاط الملكي حتى صادق ولي العهد الذي صار بعد ذلك الملك جورج الرابع. وكان هو الذي يختار ملابسه، ثم طرده الملك، فقد كان مسرفا وكان يأخذ منه ومن غيره، الذين ذهبوا إلى القضاء وسجنوه. وخرج يقامر ويسرف ودخل السجن وخرج ليستأنف الأناقة والسفاهة. وهرب إلى فرنسا. وفي فرنسا عينه الملك قنصلا عاما وضاق به الناس وضاق بهم واتسع له مستشفى الأمراض العقلية ومات فيه مجهولا من الناس وبقيت قصة حياته يتناولها الناس يرددون ويضيفون إليها نوادر، حتى صار جورج بروميل أسطورة القرون. وفي القرن العشرين أعادته إلى الحياة إحدى دور الأزياء الأميركية فوضعت اسمه على القمصون بو شيرت، أي (قميص بو) وكرافتات.

وفي مصر كان أشيك الناس الصحافي الكبير محمد التابعي والممثل احمد سالم والرئيس أنور السادات. اذكر أنني بعد أن فرغت من الحديث مع الرئيس السادات أن سمعته يقول لسكرتيره هات لي البنطلون الأبيض القصير والقميص أبو خيوط زرقاء.. البنطلون في الصف الثالث في الدولاب على الشمال والبنطلون تحت هو خامس واحد من تحت.

وسألت السكرتير إن كان الذي يقوله السادات صحيحا فأكد لي انه هو الذي يرتب ملابسه ويعرفها بالتفصيل واختاروه أحد أكبر المشاهير أناقة في العام.