عقبال 120 سنة يا ريس!

TT

في الإسماعيلية كان الرئيس السادات وفي لحظة ابتسام وسط مناقشة عنيفة مع بيجين والوفد الإسرائيلي، وقد قال لي المشير الجمسي: إنهم في غاية الخشونة، رغم أننا نتحدث إليهم بحساب، ولكن إحساس بيجين بأنه يخسر كل يوم شيئاً، وأنه يلمح في عيني الرئيس السادات التعالي والتفوق والشماتة ولكني لم ألاحظ ذلك. إن الرئيس السادات قادر على إخفاء مشاعره بالابتسام والضحك، ولكن بعد كل مقابلة أسمع منه كلاماً آخر، فالابتسام سلوك عام، أما الاهتمام والحذر فهو سلوكه، هو الذي يوصينا باتباعه.

وأراد الرئيس السادات أن يغير الجو وأن يؤجل المناقشات إلى جلسة أخرى في إسرائيل، فطلب من المشير الجمسي أن يعجل، أما الذي أراده أن يعجل به فهو (تورتة عيد الميلاد)، ففي ذلك اليوم تصادف عيد ميلاد الرئيس السادات، ولم يشأ أن يخبر أحداً حتى لا يفاجأ بالوفد الإسرائيلي يقدم له هدايا محرجة، كأن يعطوه مثلا نسخة من التلمود أو من الوصايا العشر. ولكن أكدت للرئيس السادات أن علاقتي بالصحافيين الإسرائيليين تؤكد غير ذلك، فالهدايا عندهم رموز صغيرة جداً، ففي رأس السنة العبرية يبعثون بعلبة من عسل النحل، أي أن تكون السنة الجديدة كالعسل، وفي إحدى المرات عندما جاء موشي ديان للقاء السادات قدم له هدية تبعث على الخجل، خجلنا نحن، فقد أخرج من حقيبة زوجته قطعة من الشيكولاته وقال للرئيس: هذه لأحفادك، ولم يعرف الرئيس السادات والسيدة زوجته ماذا يفعلان وماذا يقولان، ولكنها هدية، أو رمز لهدية!

وفوجئ الرئيس السادات بهدية من الذهب، الهدية عبارة عن نسر صغير، وأنا نشرت الخبر، واتصل بي الرئيس السادات ضاحكاً، قائلاً: يا أخي فضحتني، سوف أرسل لك النسر وهو في حاجة إلى قاعدة كبيرة حاول أن تتفق مع أحد الفنانين لكي أضعه في صدر الصالون عندي في البيت.

وجاءتني الهدية وهي عبارة عن نسر في حجم الإصبع الصغير، وليس من الذهب وإنما من الخشب المذهب!

ونحن ندور حول التورتة ونقول للرئيس: عقبال مائة سنة يا ريس، جاء بيجين والوفد الإسرائيلي يقولون: عقبال مائة وعشرين يا ريس! وسألني الرئيس: فقلت إن 120 سنة هي عمر موسى عليه السلام ـ كما تقول الكتب اليهودية ـ وربما كان أعضاء الكنيست 120 مقعداً لهذا السبب!