لماذا لا نقترب من بعضنا؟

TT

سنحاول تقديم نصائح دينية وعقدية ومنطقية من شأنها أن تؤسس لمسار فكري ملائم لعيش أقل توتراً في أوروبا لأهل الديانة الإسلامية ليعيشوا بذكاء مع المكونات الأخرى لتحقيق حلم أن تكون أوروبا فضاء للتسامح وهي نظرياً كذلك إلا أنها واقعياً تعيش شيئاً من القلق وعدم الارتياح تعيشه تجاه المسلمين من جهة اعمال عدمية ومقيتة قام بها بعض المسلمين والمسلمون لا يتحملون جميعا اي مسؤولية عنها.

1 ـ إن روح أهل السفينة الواحدة يجب أن تسود هذه هي المقولة الأولى كما جاء في حديث السفينة عنه عليه الصلاة والسلام. اتصبرون على التعايش؟

2 ـ إن حقوق الإنسان يجب أن تحترم. اتصبرون اذا لم تحترم حقوق الانسان؟

3 ـ إن واجبات الإنسان يجب أن تراعى فالمسلم عليه واجب تجاه الوطن.

4- إن أخلاق الفضيلة يجب أن تجرب من جديد: الاهتمام بالجار مساعدة المحتاج التفاني في خدمة الآخر، الايثار، العدل، الاخوة اتصبرون؟

5 ـ إن علينا أن نبادر فعل المعروف من دون انتظار أن يبدأ الجار.

6 ـ إن علينا أن لا ننتظر من الجار تقديم شكر سريع.

7 ـ إن علينا أن نبحث عن مفاهيم معقولة لتكون ميثاق شرف.

إن أوروبا بتاريخها التعددي وخبرتها المكتسبة من حب السلام والاكتواء بنار الحروب والقدرة على الإبداع والتراث الفلسفي والفكر الإنساني الذي هو ميراث كل المكونات الإغريقية الرومانية واليهودية والمسيحية وكذلك الإسلام بالتأكيد ومن يخامره شك فليراجع كتاب جورج سارتون (مدخل إلى تاريخ العلوم) يثبت فيه تفرد المسلمين بحمل رسالة العلوم: من 750م إلى 1100م تمتد سلسلة من عصور جابر بن حيان ـ الخوارزمي ـ الرازي ـ أبو الوفاء البيروني ـ ابن سيناء ـ ابن الهيثم وعمر الخيام ينتمون جميعاً لثقافة الأمة الإسلامية ثم تظهر أسماء غربية من أمثال جيرارد وبيكون لكن المجد سيظل مقسماً خلال 250 عاماً مع ابن رشد ونصير الدين الطوسي وابن النفيس وهذا الأخير سابق على هرفي ونظريته في الدورة الدموية. والإسلام بتسامحه وسماحته واتساع دائرة عقيدته ومرونة ممارساته وتعدد تفسيراته وتأويلاته وأيمانه بالرسالات السماوية وقبوله للآخر واعترافه بالاختلاف بطبيعته.

ولهذا فعلى العلماء أن يقوموا بتبصير المسلمين بسماحة دينهم وأن يستنجدوا بكل النصوص والممارسات التاريخية التي تصب في جدول التسامح والتعايش وذلك بتقديم التفسير الأكثر مقاربة والذي يخدم أهداف التعايش ويبرهن على ثراء شريعة الإسلام التي تجعل من الاندماج الإيجابي أمراً متاحاً. وعلى الأوروبيين الآخرين أن يتعلموا شيئاً عن الإسلام حتى يصلوا إلى فكرة واضحة عن سماحته وجدارة المسلمين بأن يكونوا مواطنين صالحين وليجتنبوا النظرة النمطية.

ولنكون صرحاء لنقول للمسلمين أمامكم مشكلتان أولاهما: الصورة النمطية التي ارتسمت عند الناس بسبب احداث الإرهاب، 11 سبتمبر، وما تلاه من أحداث وهي صورة مشوهة وصمتكم بالإرهاب وساهمت جهات كثيرة بإلصاقه بكم. فعليكم أن تبذلوا جهداً مضاعفاً في اتجاهين:

أولاً: أن تنقوا صفوفكم من الإرهاب والإرهابيين والحركات العنيفة بأن تعلموا شبابكم حقائق دينهم وحقائق مصالحهم.

ونحن في المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث بذلنا وسنبذل مع الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين جهداً مضاعفاً.

ثانياً: أن يبذلوا جهداً لتحسين صورتكم... وتدحضوا الصورة النمطية التعميمية من خلال وسائل الإعلام والاتصال وكل الوسائل.

أما المشكلة الثانية: فهي سلوك تمييز في بعض الدوائر الغربية في داخل أوروبا حيث تضيق بعض الجهات ذرعاً بوجودكم وتقف منكم موقفاً سلبياً.

هذا من جهة ومن جهة أخرى حروب تدور على أرض بعض المناطق الإسلامية ومظالم مثيرة ومزعجة لأسباب غير مقنعة وهو أمر لا تبدو في الأفق نهاية له. وعلينا أن نتعامل معه بمسؤولية لا لنرضى به ولكن لنتعامل التعبير عن الغضب بعقلانية تناسب ديننا وحضارتنا.

كيف ندير خلافنا؟ كيف نعبر عن سخطنا دون أن نسيء إلى الأبرياء ونسيء إلى أنفسنا وإلى الأوطان التي نعيش فيها بدلاً من أعمال إرهابية وخيمة للعواقب سيئة الغب والمئالات.

إن في تراثنا وسائل للتعبير السلمي عن الغضب فقد ورد في الحديث أمره للغضبان إذا كان قائماً أن يجلس وإذا كان جالساً أن يضطجع. وبالتالي حتى ينضبط ولا يرتكب وهو في حالة غضب حماقة.

وبطبيعة الحال فإن هذا لا يعفي مكونات المجتمع الأوروبي من مسؤولياتها لمحاولة فهم المسلمين والابتعاد عن التعميم اللامنصف والتعامل كمواطنين كاملي الحقوق واحترام دينهم وإيجاد أجواء ثقافية واجتماعية ملائمة تتيح للمسلمين البلورة في البوتقة الأوروبية دون أن يشعروا بالاغتراب، ان اشد ما نخاف منه هو الشيطنة المتبادلة واليائسة.

واخيرا لعلنا نوصي بوصية يعقوب لأبنائه «يا بني اذهبوا فتحسسوا من يوسف وأخيه ولا تيئسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون».

ونشير الى انه لا بد من شراكة لاعداد مشروع انقاذ واطفاء فاليد الواحدة لا تصفق.

وان العلماء مستعدون لتقديم ثقافة التسامح من رحم الاسلام وننتظر من كل الجهات الفاعلة في الغرب ان تتفاعل معهم ومن تركيا وبريطانيا تسويق ذلك والتفاعل معه لانه لا بديل لهذا المشروع الا تفاقم الكراهية في البيت الاوروبي.