حقائق

TT

حقائق مؤكدة لا تقبل النقاش. اسرائيل دولة مارقة تمارس إرهاب الدولة بامتياز. دولة خالفت كل القرارات الدولية المتعلقة بأسلحة الدمار الشامل، وقرارات الأمم المتحدة المطالبة بانسحابها من أراضي الدول التي احتلتها. هي دولة «غير» ديمقراطية تمارس التفرقة الواضحة بين مواطنيها وتمايز واضح لصالح أبناء الديانة اليهودية. هي دولة برعت في التنكيل والإيذاء بالفلسطينيين، والسوريين، واللبنانين واستخدمت في قتلهم واصابتهم الأسلحة المحظورة دون خوف أو خجل. وهي دولة تستغل وجود قوى في المجتمع الدولي تدعمها بلا خجل لممارسة بطشها الذي لم ير العالم له مثيلا، منذ أيام الدولة الألمانية النازية. وهذه النوعية من الدول المارقة لا تستمر طويلا، وعاجلا أو آجلا تواجه دول العالم هذا النوع من الأنظمة بمعايير أخلاقية قاسية، كما حدث مع نظام آبارتايد البغيض، الذي كان موجودا في جنوب أفريقيا. وطبعا الشعوب العربية محقة جدا في أنها تعاني من اسرائيل وممارساتها البغيضة، ومن حقها كذلك أن تشعر بالغضب جراء الإهانة والظلم، ولذلك تبحث هذه الشعوب باستمرار عن «صلاح الدين» تلك الشخصية الرمز والذي لم يأت، بات مثال الخلاص والكرامة. وحاول أكثر من قائد عربي تقمص هذا الدور، ولكن كان نتيجة ذلك فشل مريع وأداء كوميدي وهزلي. واليوم أكثر من أي وقت مضى هناك نهم هائل للبحث عن «صلاح الدين» من جديد، ولكن ما يغفل ذكره في سرد سيرة «صلاح الدين» الحقيقية، هي المسيرة الاصلاحية الشمولية التي «سبقت» قدومه. مسيرة بناء الدولة المؤسسية من ولاة مؤهلين، وقضاة ميزتهم النزاهة، وجيش صالح موحد، كل ذلك تحت غطاء دولة قوية بدون فوضى ولا ولاءات «غريبة»، ولا أفراد أو مجموعات «خارج» مظلة الدولة. العالم العربي اعتاد لسنوات طويلة على فوضى القرار المليء بالعواطف الفياضة القصيرة الأجل، ونسي كيف تبنى الخطط طويلة الأجل و«الاعداد السليم». ما يحدث اليوم في العراق ولبنان، هو دليل دامغ على سوء الاعداد وغياب الرؤية.

«صلاح الدين» لا يأتي بدون نور الدين زنكي، وهو القائد الذي أعد الأرضية المناسبة لقيادة صلاح الدين بعده. التحدي الأكبر الذي يواجه العالم العربي اليوم ليس التعامل مع طغيان اسرائيل والدعم الظالم لها، ولكن اقتلاع جذور التدهور الذي عطل التخطيط والاعداد السوي لمواجهة المشاكل والصعاب والتحديات. اسرائيل لن تستمر بوضعها الحالي. لن تستمر لأنها على باطل، ولكن العالم العربي استمراره بالوضع الذي هو عليه اليوم، يطيل ظلمها وجبروتها.

[email protected]