سؤال يواجه الإسرائيليين

TT

يأتي اعلان حركة «فتح» امس مسؤوليتها عن اطلاق قذائف هاون على مستوطنات اسرائيلية في جنوب قطاع غزة، ليعكس حقيقة أن الانفراج الامني والسياسي ليس قريباً، وليؤكد ايضاً ديناميكية متسارعة في الاحداث وردود الفعل على الجانب الفلسطيني هذه المرة. جاء القصف بالهاون للمستوطنات رداً سريعاً على اغتيال الاسرائيليين لاربعة من عناصر حركة «فتح» ودعتهم جماهير غاضبة من رفح وخان يونس يوم الجمعة الى مثواهم الاخير. كما جاء هذا الرد بعد عشرة ايام على قرار للرئيس الفلسطيني ياسر عرفات بوقف عمليات قصف الهاون التي كانت تمارسها آنذاك «حماس» و«الجهاد الاسلامي»... وكان عرفات يبدي تجاوبا مع رغبة وسطاء لوقف العنف المسلح المتبادل، لكن الاجهزة الامنية الاسرائيلية لم توقف العنف والقتل، واستغلت الوضع للمزيد من الهدم والتجريف وتوسيع الشريط الامني حول المستوطنات وحول الطرق المؤدية للمستوطنات، فاذا بالرد الفلسطيني شبه الرسمي يأتي سريعاً ومميزاً، بل ان بيان «فتح»، التي تعادل حزب السلطة، يهدد بقصف المجدل وعسقلان جنوب تل ابيب.

من الواضح ان احتمالات التصعيد العسكري ستبقى مفتوحة طالما غابت الرغبة الاسرائيلية في التوصل الى سلام عادل ودائم وشامل واضح الاهداف والغايات. ولا يبدو من تصرفات حكومة شارون ان لديها أي مشروع سلام متوازن. فممارسات الحكومة الاسرائيلية حتى الآن تشير الى الرغبة الواضحة في فرض الاستسلام وتلبية تطلعات الشارع الاسرائيلي فقط، عبر ضمان الاحتفاظ بالارض الفلسطينية المحتلة، وتوسيع دائرة الاحتلال والهيمنة مستقبلاً. ان الحكومة الاسرائيلية تتخبط في طريقها الاحتلالي، وهي تواجه احتمال ازمة في التعامل مع الموقف الاميركي، وتتخبط في مواجهتها للمبادرة المصرية ـ الاردنية المؤيدة من اطراف دولية واسعة بينما ترفضها اسرائيل عملياً ولو بحجة تغيير بعض بنودها. واضح ايضا ان ارييل شارون لا يريد ان تشل قواه العسكرية اثناء المفاوضات، او الكف عن بناء المستوطنات وتوسيع المناطق المحيطة بها، كما لا يريد التفاهم على هدف المفاوضات والحل النهائي، وهو يأمل ان يؤدي الضغط الى استسلام فلسطيني. حتى الآن يتأكد التلاحم الفلسطيني كنتيجة للفعل الاسرائيلي، وتتقارب رؤى واساليب الاطراف الفلسطينية اكثر من أي وقت سبق، وتتنافس وتتطور قدرات وسرعة الرد، وبالتالي من الواضح ان دائرة الفعل الفلسطيني ستتسع حتى يصل الاسرائيليون الى اجابة عن السؤال المهم التالي: هل قربهم شارون من الامن والسلام، وهل هذا هو الطريق الامثل امامهم؟