عنف انتفاضة.. ما القصة؟!

TT

يبدو ان آرييل شارون كسب المعركة الاولى بدليل ان الاطراف العربية المعنية، السلطة الفلسطينية ومصر والاردن، هي التي قدمت اقتراحا بوقف الانتفاضة. سمها عنفاً، سمها انتفاضة المهم ان ما كان يطلب بعضه ايهود باراك عندما كان رئيس الوزراء حصل على اكثر منه شارون.

واعرف ان الاطراف ستنفي موافقتها على ذلك، لكن الحقيقة انهم اضطروا لفعلها لانقاذ السلطة من عملية التدمير التي تتعرض لها، لكن شارون يطالب بالمزيد بدعوى ان الوعد بايقاف الانتفاضة ليس الا حركة تكتيكية، ثم يوسع حالة الحرب معلنا انه سيوسع المستوطنات ويزيد من المهاجرين اليهود اليها بخلاف ما كان يعد به سلفه باراك.

أليس في ما يحدث ما يثير الانزعاج؟ ففي السابق كانت المفاوضات تسير ايجابيا وكان المفاوضون الفلسطينيون هم المنتصرون من خلال قدرتهم على التقدم في موضوعات صعبة مثل القدس والضفة وتأسيس الدولة. في الوقت الحاضر الوضع لم يعط الفلسطينيين شيئا، حتى المفاوضات تبدلت كراسيها فصار شارون هو الذي يرفضها وهو الذي يضع شروطها ثم يمعن في تغييرها.

نحن نشعر ان وقف الانتفاضة لن تكون مفاتيحه كلها في يد السلطة، وهي تدرك ايضا انه لم يبق لها من مفاتيح في اي مساومات قادمة سوى الانتفاضة، خاصة في وجه شارون الذي يعتزم القضاء على كيان الدولة الفلسطينية بحملته العسكرية الضخمة التي احدثت اضرارا واضحة في منشآت السلطة الفلسطينية. وهذه المفاتيح الاخيرة، اي الانتفاضة، بعد ان ضعفت همم الوسائل الاخرى، من الخطر التخلي عنها.

وقد لا يكون ملائما ان نوزع اللوم، لكن من الواضح ان السلطة هي التي جنت على نفسها بالتهليل لسقوط حكومة باراك على انها كانت من ثمار نشاطها السياسي والعسكري، فعلى الرغم من مساوئ تلك الحكومة الا انها خسرت بسقوطها فرصة مهمة لاستكمال المفاوضات وليس بالضرورة فرصة لتوقيع السلام، لان التوقيع امر لاحق. وباعتلاء شارون سدة السلطة ظهر للجميع رسالة الاسرائيليين بأن السلطة الفلسطينية غير مهيأة بعد للسلام. وصلت حتى للاوروبيين الذين اصبحوا اقل مبالاة، واحيانا اكثر قسوة من الطرف الاميركي كما فعل وزير خارجية اسبانيا الذي شبه الانتفاضة ظلما بارهاب انفصاليي الباسك! ظهرت واضحا ان استخدام شارون لاسلحة ذات قوة تدميرية كبيرة حقق له نتائج كبيرة على الارض دون رادع دولي، واتضح للجميع ان شارون بعقليته التدميرية تجاوز المنع الاميركي من احتلال دائم لغزة بتحويلها الى ممر يفتح كل يوم لقواته! ان احدا لا يريد ان يدفع السلطة الفلسطينية لأن تضع امكانياتها التي بنتها بعرقها ودم ابنائها عرضة للتدمير ولا ان توضع في زاوية صعبة فتقدم تنازلات على حساب شعبها وحلمها بالدولة المستقلة، لكن المؤكد انها تعيش وضعا في غاية الخطورة وهي في حرج شديد لا تستطيع ان تقف امام الملأ فتعترف انها تعلق اليوم من رقبتها في حبل مشنقة لاول مرة منذ ان وصلت طلائعها الى غزة.