الوقوع في الفخ الإسرائيلي

TT

يرتكب العرب اخطاء تبدو صغيرة في تعاملهم مع رئيس وزراء اسرائيل، ولكنها اخطاء قاتلة اذا تم فهمها ضمن الوضع العام من قضية السلام.

شارون وحكومته يتخذان موقفاً حاسماً وقاطعاً ضد السلام، وهم يحاولون ارسال رسائل للمجتمع الدولي تبدو كأنها دليل على المرونة، والعرب يلتقطون هذه الرسائل ويدفعونها للنجاح بدون مبرر.

زيارة وزير خارجية الأردن الى اسرائيل والحديث عن مبادرة مصرية ـ أردنية هي تشجيع لحكومة شارون على التشدد. واستقبال عدد من القادة الفلسطينيين لابن السيد شارون، وما يطرحه من مغزى سياسي دعائي يظهر فيه السيد شارون وكأنه ما زال يفتح الجسور مع الفلسطينيين، وكذلك استقبال مصر لوزير الخارجية الاسرائيلي، ذلك الصقر الذي يلبس لباس الحمامة ويبدو كرجل سلام.

كل هذه التصرفات العربية تأتي في وقت يعلن فيه شارون بدون تردد بأنه لا سلام مع الفلسطينيين، وان مهمته العاجلة استقدام مليون يهودي جديد للعيش في اسرائيل، وانه سيدافع حتى آخر لحظة عن المستعمرات، وهو تحدث هذا الاسبوع حول مشروع الدولة الصهيونية الذي يقام بنجاح بينما «نحن نمسك السيف» على حد تعبيره.

كان يفترض ان يقول العرب مجتمعين انه لا مشاورات ولا لقاءات مع حكومة شارون بدون موقف محدد من السلام، وبدون العودة الى مائدة المفاوضات من حيث انتهت، وكان يفترض ان يتم التنسيق ضد تحركات شارون الاعلامية وعدم الوقوع في الفخ الاعلامي الذي جربه السيد شارون ونجح فيه بتفوق.

كان شرط شارون ـ وما زال ـ لأي لقاء فلسطيني ـ اسرائيلي هو الشرط الأكثر تعجيزاً واستحالة وهو وقف الانتفاضة، وهو يعلم قبل غيره ان وقف الانتفاضة عملية انتحارية، وان بديلها المزيد من التشدد الاسرائيلي، ومع ذلك طرح برنامج الحد الأعلى للحصول على ما هو اقل منه، اما الموقف العربي فقد أكل الطعم ببساطة، وما زال، وهو امر مؤسف وضار بالقضية العربية.

يجب ان يسمع وزير خارجية اسرائيل لغة عربية واضحة في زيارته لمصر، ويجب ان تكون هناك لغة عربية واضحة عنوانها رفض اي حوار ولقاء بدون العودة الى مائدة المفاوضات، ومن العيب ان نكون ضحايا سياسة ارهاب تتم تغطيتها بتحركات سياسية عقيمة.