ما هذا التبسيط يا سيد؟

TT

السيد حسن نصر الله يقول إنه لولا اختطاف الجندي الإسرائيلي في غزة لاقتتل الفلسطينيون فيما بينهم، وإن اختطاف حزب الله للجنديين الإسرائيليين جاء بوعي إلهي، حيث كانت إسرائيل تخطط لضرب لبنان، مما أدى إلى إفساد الخطة!

ما هذا التبسيط يا سيد؟

الواقع يقول إن الفلسطينيين لم يتفقوا، وفتح غير حماس، وعباس ليس هنية، وفلسطين لم تتقدم خطوة. والواقع يقول إنه بعد أن كان خالد مشعل يتحدث من دمشق بدلا عن هنية، أصبح نصر الله هو المتحدث عن القضية الفلسطينية!

وما هي المبررات لتضرب إسرائيل لبنان، كما يقول نصر الله، الذي كشف عن وعي إلهي ألهمه لخطف الجنديين وإفساد المشروع الإسرائيلي؟ والواضح لنا أن الوعي الإلهي يبدو امتدادا للهالة النورانية، والحلم السياسي!

للأسف، ولأن منطقتنا لا يستقيم فيها الوعي السياسي، حيث دائما ما نرى اللامنطقي يمنطق، فإن أفعال نصر الله ومن يدعمونه تجعل المتحدث بلغة العقل، يبدو وكأنه يدافع عن عدوانية إسرائيل وجرائمها، فنلغي المنطق، ونلغي الدولة ونرتهن للجماعات والميليشيات! ودائما ما يقال إن «حجرا يرميه مجنون يرهق مائة عاقل»!

ما لا يجب أن يشغلنا عنه نصر الله في خطابه الأخير، هو أن اختطاف الجندي الإسرائيلي في غزة، ومثله اختطاف الجنديين الإسرائيليين في عملية حزب الله، قد جاءا في الوقت الذي كنا ننتظر فيه استحقاقات ملف اغتيال الراحل رفيق الحريري، وكنا نراقب فيه الملف النووي الإيراني وهو يأخذ طريقه إلى مجلس الأمن. كما كنا نلحظ فترة انطلاق الحكومة العراقية الجديدة بقيادة المالكي، وهي تنحو نحو مبادرة المصالحة الداخلية، خصوصا أن المالكي دشن جولته الخارجية بالرياض، لا طهران.

وما يجب أن نعيه، هو أن خطاب نصر الله الأخير، جاء بعد أن رفض اللبنانيون مطالب كوندوليزا رايس، وأبرزها أن إسرائيل تحتاج وقتا لوقف إطلاق النار، فلباها نصر الله، حيث خرج بتهديدات تجعل وقف إطلاق النار أصعب من قبل. وهذا يعني إطالة أمد معاناة لبنان واللبنانيين. كما أن خطابه الأخير انقلاب على لبنان، بطوائفه، وحكومته، حيث صادر فيه القرار اللبناني، بل أصبح نصر الله أكبر من لبنان، وأكد فيه أنه يرى نفسه زعيما للعالمين العربي والإسلامي.

كل ذلك في الوقت الذي أعلنت فيه السعودية عن تبرعات مالية هائلة، ووديعة بنكية كبيرة، الهدف منها الحفاظ على لبنان الاقتصادي، وضمان عدم انهياره، وإطلاق ماكينة إعادة الإعمار حتى قبل أن تضع الحرب أوزارها.

هذا ما لم يقله نصر الله، وهذا ما يجب أن يبقى في ذهننا، ونحن نتأمل خطابه الدعائي للرأي العام العربي، الذي لا أعلم متى سيطرح السؤال المستحق وهو: لبنان محرر، إذا حرب من هذه؟

[email protected]