عام على رحيل «الفهد»

TT

الزعماء يبقون علامات فارقة في تاريخ بلدانهم، والقليل منهم يسجل في وجدان شعبه. عام يمضي على رحيل الملك فهد ولا يزال السعوديون يتذكرونه، ويتذكرون علامات مسيرته وملامح الخطط التنموية، التي أرسيت في عهده. هناك الكثير من المواقف المهمة التي سجلت في عهد الملك الراحل كانت سببا في وضع اللبنات المهمة واللافتة لبناء المستقبل السعودي. فالقواعد الرئيسية للتحدي التعليمي انطلقت منه، وفي سباق واضح ضد الزمن، وضد إرث الجهل والتخلف، مستخدما الوسائل المادية والبشرية، والانفتاح الواعي على علوم الدنيا، وكان من الضروري أن يصاحب الزخم التعليمي تهيئة الأرض المناسبة للنقلة الذهنية النوعية، وكان الاهتمام الاستثنائي ببناء البنية التحتية الملائمة، وشيدت المدارس، وأقيمت الجامعات، وبنيت المطارات، ودشنت الموانئ، وعبدت الطرق، وكانت النهضة العمرانية شاهدا واضحا على دخول السعودية عصرا جديدا.

كان التحدي التنموي استثنائيا لم تواجهه أي دولة اخرى ما بين تأهيل البلاد وجاهزيتها وتأهيل المواطن وجاهزيته لمواجهة القادم.

وعلى الرغم أن ما حدث على صعيد التنمية البشرية والنهضة العمرانية قابلت معاييره المبهرة النواحي الاعجازية، إلا أنها لم تكن المسائل الوحيدة التي يشهد لها وتحسب لعهد الملك الراحل، ولكن هناك الانجاز المهم على الصعيد السياسي، وهو إعادة اطلاق مجلس الشورى وإرساء نظام الحكم، وذلك في خطوة مهمة جدا لارساء جذور العمل المؤسسي، الذي ستسير عليه البلاد، وقد استقبل السعوديون وغيرهم هذا الخبر بفرحة كبيرة، وأمل أكبر، مقدرين أن هذا النوع من القرارات هو الذي يطلق عليه القرارات التاريخية، التي تنقل البلاد من حالة «قبل» الى «بعد»، وبالتالي اصبح قرار إطلاق مجلس الشورى واصدار نظام الحكم علامة تاريخية فارقة في مسيرة البلاد.

وعلى الصعيد الدولي كانت ملامح سياسته الخارجية واضحة في اتجاهات مختلفة، منحت السعودية ثقلا هائلا في مجالات السياسة النفطية، بحيث أصبحت السعودية اللاعب الأهم في هذا المجال، وبوساطاتها المختلفة لحل المشاكل بين الدول العربية، كانت هي مركز الثقل الحقيقي في المنطقة، ولعل نجاحات اتفاق الطائف وغيرها، تؤكد هذه المقولة. سنة مضت على رحيل ملك ولا يزال السعوديون يقدرونه، وفي نفس الآن، يثقون بربان سفينتهم الجديد، الملك عبد الله بن عبد العزيز، الذي نكمل في المقال المقبل عنه وعن عهده وعن السعودية في عامه الاول... لنا لقاء.