الظواهري..عقدة إضافية في المشهد اللبناني

TT

لم يكن ينقص مشهد المأساة اللبنانية الراهنة سوى أن يضيف إليها تنظيم «القاعدة» وقائع تزيد من ضبابية الرؤية والأفق..

هذا على الأقل ما يبدو أنه حاصل..

إذ لم يتردد الرجل الثاني في تنظيم القاعدة أيمن الظواهري كثيراً.. فهو قرر اغتنام اللحظة العصيبة والمقلقة التي يعيشها لبنان والمنطقة فنسج سريعاً على ما يبدو خططاً جهنمية على نحو ما دأب هو وملهمه أسامة بن لادن.

الظواهري في رسالته المتلفزة، التي أكد فيها أن كل الدنيا هي ميدان مفتوح للقاعدة رداً على الهجمات في فلسطين ولبنان، يبدو وكأنما سجل كلامه في نفس الاستوديو الذي أدلى فيه بأحاديثه الأخيرة.

من شاهد الظواهري لا بد أن تلفته الخلفية المشهدية التي برزت خلال حديثه.. كان الظواهري يتحدث عن لبنان وفلسطين وفي خلفية الرجل نصبت وبشكل مدروس صور لأحد انتحاريي الحادي عشر من سبتمبر محمد عطا، وللمسؤول العسكري السابق للقاعدة أبي حفص المصري ولأبراج نيويورك تحترق.. كانت الصور بارزة ومنتقاة بعناية والإضاءة مركزة عليها بشكل لافت.

حديث الظواهري أعاد إلى الأذهان أحد التسجيلات المتلفزة لإبن لادن، والتي فاخر فيها بأنه كان يوحي بما يخطط إليه من عمليات وهجمات من خلال خرائط كانت تنصب في خلفية المكان الذي تحدث فيه في إحدى المقابلات مع صحافيين غربيين، وكان تحديداً يتحدث عن الهجمات التي نفذتها القاعدة في أفريقيا. فهل كان اختيار الظواهري أو «مستشاره الإعلامي» لصور عطا والمصري والأبراج من قبيل المصادفة أم أن تنظيم القاعدة يبعث لنا بإيحاء ورسالة ما!!

هل نترك لخيالنا العنان أم نبقى في حدود الاستنتاج الأولي السريع!!

مرة جديدة تطرح علينا التقنية العالية في شريط الظواهري الأخير تساؤلات حول جدية المساعي الأميركية في ملاحقة قيادة القاعدة التي لا تزال تتمكن من إرسال مواقف قيادتها على هذا النحو من الاحتراف والتقنية. إذ هناك شكوك فعلية في جدية المساعي الأميركية للكشف عن قيادة تنظيم القاعدة، فالتسهيلات التي يملكها الظواهري والتي ظهرت جلياً في شريطيه الأخيرين توحي بأنه شخص لا يصعب الوصول إليه.

التعقيدات لا تنحصر فقط في هذا الجانب، إذ يبدو أن الأمور تتداخل بسرعة بشكل يتخطى قدرة الصحافة والإعلام على المواكبة.

في لبنان اليوم تتصدر تغطية الأحداث الطارئة بأبعادها الأمنية والانسانية والسياسية اهتمامات الصحافة فتتقدم على كثير من التفاصيل التي تدور في فلك المشهد الأصلي، وهذا ما يدفع لأن تغرق المتابعة الصحافية والإعلامية في جوانب ملحة وعاجلة وهو أمر مبرر وطبيعي وضروري أيضاً.

لكن على هامش مشهد المأساة اللبنانية تتفاعل تفاصيل وهوامش ربما تصبح في المستقبل القريب في متن المشهد لا على هامشه. فمثلاً وإلى جانب احتمال دخول القاعدة على خط الأزمة اللبنانية، فإن الحرب الاسرائيلية على لبنان تحدث وبسرعة تغييرات كبيرة في جوهر الحياة الاجتماعية والسكانية وهو أمر ينبغي التأمل فيه ومتابعته.

إن تصدي الإعلام لعرض وتحليل الكثير من المواضيع التي تدور في فلك الحدث الأبرز قد يساعد على التخفيف من المشكلة الكبيرة التي سنعيشها في لبنان فور انتهاء الحرب.

diana@ asharqalawsat.com