نعتذر..!

TT

مثلما يقتضي على الدول الاستعمارية ان تعتذر لشعوب المستعمرات عن منحهم الاستقلال، يقتضي على زعماء هذه المستعمرات ومثقفيها ان يعتذروا لشعوبهم عن غشهم لها وتضليلها والايقاع بها وجر النكبات عليها بأفكارهم الثورية والتحررية والوطنجية والأصولية.

وكواحد ممن ساهم في هذه العملية من الغش والتضليل ومناقضة التاريخ والواقع، ابادر اولا بتقديم اعتذاري عن كل ما قلته وكتبته ودعوت اليه وصفقت له. عليّ وعلى كل من يسمونهم بالمثقفين العرب ان نعتذر لشعوبنا وبلادنا. نعتذر عن كل الشعارات المهلكة التي حملناها وروجنا لها، كل الثورات والانقلابات التي ساهمنا بها وارتضينا برامجها وتبنينا زعماءها.

نعتذر عن كل الهتافات التي بحت بها حناجرنا، وكل الاناشيد الديماغوجية التي انشدناها وغنيناها، وكل القصائد والمقالات والمسرحيات والروايات التي ضللنا بها البسطاء وجعلناهم يتصورون انفسهم مما لا يتطابق مع تاريخهم او ثقافتهم او قدراتهم.

علينا ان نعتذر عن كل المؤامرات التي حبكناها او ساهمنا بها او سكتنا عنها، كل الاغتيالات والمقتولات والانتهاكات وعمليات التعذيب والاغتصاب التي جرت باسمنا.

علينا ان نعتذر عن سوء تربيتنا لاولادنا وسوء معاملتنا لنسائنا وسوء تعليمنا لطلابنا. نعتذر عن كل هذه الخزعبلات والخرافات والمغالطات التي حشرنا بها ادمغتهم وملأنا بها مناهجهم الدراسية.

علينا ان نعتذر عن جهلنا وقصر عقلنا وعدم كفاءتنا وتفاهة ثقافتنا، وان نعتذر رغم ذلك عن غرورنا وتصورنا اننا قادرون على حكم بلادنا حكما ديمقراطيا قائما على الشرعية وحقوق الانسان ودون اي تمييز، وعلى ادارة شؤونها وثرواتها بعقل ونزاهة وكفاءة.

واخيرا نعتذر ايضا للدول الاستعمارية التي ثرنا عليها وحاربناها وطالبناها بالجلاء ظنا منا بأننا أكفأ منها في استخدام ثرواتنا او اعدل في توزيعها او اقدر على حمايتها وصيانتها.

هذا اعتذارنا خالصا من كل غش او مكابرة.