من أجل استنقاذ المشرق والخليج

TT

أدركتُ من أول لحظة عندما دعت اليمن بالذات إلى عقد قمة عربية، أنّ الأمر غير مضمون. ومع ذلك فقد شعرتُ بخيبة أمل شديدة عندماعلمتُ يوم الأحد في 23/7/2006 أنّ الجمهورية اليمنية سحبت طلبها للقمة، بعد أن وافقت عليه ثلاث عشرة دولة عربية، وبذلك ما عاد عقدُ القمة وارداً في الفترة القريبة القادمة على الأقلّ.

وما كنتُ أطمحُ من وراء القمة العربية الى أن يتوقف إطلاق النار في فلسطين أو لبنان، بل كنتُ أتوقعُ أن يبدأ التفكير في كيفية الاستجابة للتحديين المطروحين الآن بوضوح على المشرق العربي: التحدي الإسرائيلي القديم، الذي تطورت معالمُهُ وتغيرت في العقد الأخير، فما عاد توسعياً ولا هجومياً؛ لكنه مصرّ ليس على ما اعتُرف له به دولياً من فلسطين فقط؛ بل وبالإضافة لذلك كُتَل المستوطنات الكبيرة والقدس.. بالإضافة لأمور تفصيلية أُخرى كثيرة، يحتاجُ كلُّ واحد منها إلى سنوات من التجاذب سلماً فكيف والحربُ قائمة؟!

أما التحدي الآخر، فهو التحدي الإيراني. فقد قررت إيران بعد أن كسبت العراق، أن تعمد للهجوم على إسرائيل والعرب معاً. تُهاجم إسرائيل لدفع الولايات المتحدة لإبرام صفقة معها بشأن ملفات كثيرة عالقة بينهما. وتبتز العرب لوضعهم في مواقع الدفاع؛ إذ انّ ما ستكسبه من الولايات المتحدة وإسرائيل سيكون على حسابهم. ولأنّ الخطاب الإيرانيَّ الظاهر خطابٌ إسلامي شامل ومُعاد لإسرائيل وأميركا، فإنّ الأنظمة العربية منزعجة جداً ومُحرجة ولجهتين: لجهة دعم الولايات المتحدة لإسرائيل في مواجهة الفلسطينيين دعماً مطلقاً بحجة المشاركة في الحرب على الإرهاب، والتسليم لها بالتخلي عن خريطة الطريق لعدم وجود الشريك الفلسطيني الحقيقي، الذي يريد السلام على أساس أوسلو. بيد أنّ الأنظمة العربية محرجة ومنزعجة أيضاً لأنّ الخطابَ الإيراني الإسلامي يكسب الشارع العربي، بمسوِّغ تحقيق «مكاسب» لقضايا العرب والمسلمين فعلاً؛ مثل دعم حماس في فلسطين، ودعم حزب الله في لبنان للاستمرار في إقلاق إسرائيل وزعزعة الاستقرار فيها. هذا وجهُ الإحراج للأنظمة العربية في الخطاب الإيراني. بيد أنّ الوجه الآخر للإقلاق والإزعاج يتمثل في نشر حالة من عدم الاستقرار في سائر بلدان المشرق العربي. فقد استولت إيران ـ عن طريق التنسيق مع الولايات المتحدة في الحرب على العراق ـ على الأجزاء الجنوبية من البلاد. وهي تستخدمُ أنصارها ـ وكلهم عندهم ميليشيات، إضافة للحرس الثوري الإيراني الموجود بالداخل ـ في شتى الاتجاهات لإزعاج الأميركيين عندها ينسحبون، وللسيطرة على القرار داخل الطائفة الشيعية بمعزلٍ عن السيستاني، وعن النجفيين بشكل عام. وفي مؤتمر دول الجوار العراقي الأخير بطهران تحدثت إيران باسم الشيعة العراقيين باعتبارهم الأكثرية، ولذلك ينبغي أن يحكموا العراق ، أما السنة فينبغي أن يهدأوا لكي ينسحب الأميركيون من هناك. وفي الوقت الذي كان فيه الأميركيون يدخلون العراق في ربيع العام 2003 ، كانت المخابرات الإيرانية تُحكِمُ قبضتها على مراكز القرار في النظام السوري، الذي ازداد خطابه القومي العربي تشدداً، وصار ينشر الدعاية عن «خلافه» مع إيران بحجة أنه يدعم في العراق المقاومة (السنية) للأميركيين! والواقع أنّ «مقاومة» النظام السوري للأميركيين كانت متعددة الأغراض وكلها لا تُزعجُ إيران: فالسنة المتشددون يقاتلون الأميركيين والشيعة في الوقت نفسِه؛ فيتحملون بمفردهم عبء مواجهة جيش الولايات المتحدة، في الوقت الذي يسيطرُ فيه أنصارُ إيران بالعراق على التكوينات الجديدة للدولة العراقية وبدون اعتراض من الأميركيين. والآتون إلى سورية من البلاد العربية والإسلامية للذهاب إلى العراق تستلمهم المخابرات السورية فترسل بعضهم إلى العراق، وتُسرِّب بعضهم إلى الاردن ولبنان للقيام بعمليات لزعزعة الاستقرار، وتُمسك ببعض الشبان السعوديين، لكي تستطيع ابتزاز المملكة بإعادتهم إليها مقابل حاجاتٍ وحاجات. في لبنان والأردنّ كثر تسريبُ السلاح والمسلحين من سورية وخاصة في العامين 2005 و2006. وكان الملكُ الأردني حاسماً في صون أمن بلده؛ في حين ما استطاع اللبنانيون ذلك لأنّ أجهزتهم الأمنية والعسكرية ضعيفة ومخترقة من السوريين ومن الإيرانيين. وعندما هاجم حزب الله إسرائيل قبل أسبوعين، واندلعت الحرب، كانت أُولى التظاهُرات الحاشدة تأييداً له في البحرين، ذات الحساسية الفائقة في العلاقات الطائفية والمذهبية. إنّ إيران تقول لنا بكلّ الوسائل إن الأمن الداخلي العربي في عدد من البلدان التي فيها تيار موال لها، هو بيدها، وتقولُ لنا أيضاً إنها مُنافس رئيسي للأصوليين السنة (الذين بدأوا بالانضواء تحت لوائها) في كسْب الرأي العام العربي، عن طريق تبني القضايا العربية والإسلامية الحساسة، وفي مقدمتها قضية فلسطين.

إنّ المقصود من وراء استعراض مسائل التحديين الإسرائيلي والإيراني؛ الوصول إلى أنّ الاستجابةَ العربيةَ الشاملة صارت ضرورية ليس من أجل إيجاد الحلول لمسائل الاحتلال الإسرائيلي لأراض في فلسطين وسورية ولبنان فقط؛ بل وللنظر في العلائق بالجوار العربي. و«المبادرة» العربية للسلام لا تكفي؛ لأنها لا تحلُّ كلَّ المسائل وإن تكن بداية جيدة لجهة السير في حلّ المشكلة الفلسطينية. المطلوبُ «المشروع العربي»، الذي يعيد التواصل بين مشرق العالم العربي ومغربه من جهة، ويقيم السوق العربية المشتركة، ويضع العرب في أفق النمو والتقدم ـ والنتائج السياسية تترتبُ على ذلك بالضرورة؛ وأهمُّها أمران: الوصول إلى ندّيةٍ تفرضُ على إسرائيل سلاماً عادلاً، كما تفرضُ «تصحيحاً» للعلاقات مع الجوار الإسلامي: إيران وتركيا. ولستُ أقصدُ من وراء اعتبار الأمرين من ضمن النتائج تأجيلهما؛ بل البدءُ بهما الآن، مع الانتباه إلى أنّ المشروع (ومن ضمنه مبادرةُ السلام العربية) ضروريٌّ لإعادة التوازن إلى العلاقات مع الولايات المتحدة ، ومع إيران على حدٍ سواء. فالمشكلات مع الدولة العبرية حقيقية وكبيرة وكانت دائماً كذلك. والأميركيون مسؤولون عمّا آلت إليه الأحوال بقدر مسؤولية إسرائيل. ذلك أنّ فشل المفاوضات في آخر عهد كلنتون، وقيام الانتفاضة الثانية، زاد من ضعف عرفات وأوسلو، وزاد في الوقت نفسه من قوة حماس في أوساط الجمهور الفلسطيني. والقصة معروفة بعد مفاجأة 11 سبتمبر 2001. فقد تنافست كلٌّ من الولايات المتحدة وإدارة شارون في ضرب الفلسطينيين بدون تمييز، وتطور الأمر إلى غزو العراق بعد أفغانستان. ولأنّ الجوَّ كان جوَّ تطرف من سائر الأطراف؛ فإنّ مبادرة السلام العربية بقمة بيروت ما اهتمَّ لها الأميركيون ولا الأوروبيون، وظلوا مصرّين على تطوير «خريطة الطريق» التي تخلى عنها الأميركيون عند أول إشارة من شارون، وتنافسوا في ذلك مع «حماس»، التي ظلت ترفض كلَّ شيء إلى ما بعد وفاة عرفات. ولأنَّ العرب كانوا يتعرضون لضغوط أميركية شديدة في سياق «الحرب على الإرهاب»؛ فقد عجزوا حتى عن تقديم دعم لتهدئة في فلسطين، فضلاً عن السير في «خريطة الطريق».

إنّ المطلوب الآن الإصرار على تهدئةٍ في فلسطين تتضمن فكّ الحصار عن حماس والشعب الفلسطيني، ودعم قيام حكومة وحدة وطنية، والعودة للتفاوض على أساس خريطة الطريق. وهذا كلهُ ليس بالأمر السهل. فالسلطة والحكومة في فلسطين مختلفتان؛ وإن تكن المسؤولية العالية، التي أظهرها الطرفان قد حالت دون تطور الخلافات إلى نزاعٍ مسلح. لكن لا بد من إعطاء شيء لحماس للتمكن من سحبها من ممارسات الاستغلال السوري والإيراني. ويبدو الأميركيون الآن أكثر إصغاء لتهدئةٍ في فلسطين، بعد أن توجَّه حصارهم، هُم والأوروبيون وقبل ذلك الإسرائيليون لحماس. ولذلك فقد تنجحُ جهودُ التهدئة، وخاصة بعد عجز إسرائيل خلال مذابح استمرت في غزة لأكثر من خمسة أسابيع عن تحقيق أي شيء حتى إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي الأسير عند حماس! وعندما قام حزب الله بمهاجمة إسرائيل فيما وراء الخط الازرق بلبنان، وردت إسرائيل بالحرب الشاملة؛ نُسيت فلسطين تماماً من جانب العالم الغربي، وتوجّه الاهتمامُ إلى البحث عن وسائل ـ لضمان أمن إسرائيل. وبذلك فقد أساءت إيران إلى الفلسطينيين ولم تُفِدهم ، كما تزعم بعضُ وسائل الإعلام. إنّ على العرب مشرقاً ومغرباً أن يثبتوا جديتهم في احتضان الشعب الفلسطيني وقضيته وحياته ومستقبله لكي تأخذهم كُل من إسرائيل وأميركا وأوروبا مأخذ الجدّ ـ وفي هذا السياق، وعندما تجري العودةُ بعد التهدئة وفكّ الحصار، إلى خريطة الطريق، تصبحُ مبادرةُ السلام العربية واردة وجديرة بالاعتبار. فقد نشأ انطباع لدى أطراف المسرح الشرق أوسطي والدولي، في السنوات الأربع الأخيرة؛ أنه لم يعد هناك نزاع عربي/ إسرائيلي؛ بل اقتصر الأمر على النزاع الإسرائيلي/ الفلسطيني. وما زاد ذلك من جرأة إسرائيل فقط؛ بل ومن إمكانيات إيران وسورية في الاستغلال. فالنهوض بالقضية الفلسطينية وتحقيق بعض الإنجازات، يدفعُ باتجاه مبادرة السلام العربية للحل الشامل الذي تستفيدُ منه سورية أيضاً.

إنّ الهدفَ من وراء النهوض بالقضية الفلسطينية، الوصول إلى إقامة الدولة الفلسطينية التي عاصمتُها القدس، وإبعاد التأثيرات الإيرانية عن هذا الملفّ الحسّاس على الأمن العربي. أما الأمر في لبنان فغيرُ ذلك تماماً؛ وإن حاول الإيرانيون الربط بين المسألتين. سيتوقفُ إطلاقُ النار بعد أسبوعٍ أو أسبوعين؛ لكنّ لبنان لن يرتاح. عندنا الآن سبعمائة ألف نازح ومهجر، تسيطر عليهم الفجيعة ويسيطرُ عليهم السخط. وفضلاً عن الأعباء المادية الكبيرة، هناك الأعباءُ السياسية التي لا مردَّ لها. العبء السياسيُّ الأول يتمثل في قدرة الحكومة اللبنانية على البقاء متماسكة لكي تستطيع بَسط سيطرتها على كامل التراب اللبناني حتى الحدود الدولية. الأطراف الدولية

(إلى جانب إسرائيل) مهتمة بإبعاد حزب الله وصواريخه عن حدود الدولة العبرية ومُدنها وبلداتها. ولن يوافق الحزب بسهولة على ذلك حتى لو استعدنا الأسرى، واستعدنا مزارع شبعا، إذ هو بذلك يوافقُ على إفقاد سلاحه الوظيفة المعهودة والمتمثلة في إقلاق إسرائيل وتهديد أمنها. ولذلك فسيحرص على بقاء السلاح بيده حتى لو ابتعد عن الحدود، بدعوى ضرورة الاتفاق على سياسة دفاعية ناجعة، وبانتظار ذلك يصرُّ على الاحتفاظ بالسلاح، ويستطيع التمرد والخروج من الحكومة، وسيجدُ كثرة كاثرة من الشيعة معه؛ فضلاً عن أنصار سورية من سائر الطوائف. أمّا لماذا تهتمّ إيران بإبقاء السلاح بيد الحزب؛ فلأنه الضمانة الرئيسية الآن لعدم ضرب الولايات المتحدة لمراكزها النووية. وقد تكونُ الضربة الإيرانية لإسرائيل قبل أسبوعين، إظهارا منها للقدرة على تهديد أمن إسرائيل على مشارف تحويل ملفها النووي إلى مجلس الأمن، ثم إنّ ردة الفعل الإسرائيلية العنيفة، قد تكون من جانبها ومن جانب الولايات المتحدة، اختباراً لما يملكه الحزب من سلاح، ومن قدرات على إنزال الضرر بالدولة العبرية. وما استنفد الحزب إمكانياته، وهو ما يزال يهدّد ليس بضرب تل أبيب فقط؛ بل وبوجود «مفاجآت» لديه، ربما تكون أسلحة أخرى أشدّ فتكاً. وتقدر إيران أنّ أداة التهديد هذه ضد إسرائيل إن تعطلت؛ فإنّ الضربة الأميركية لها ستكونُ أسهَلَ وأقرب. ولذلك أقول إنّ حزب الله قد يكونُ الآن أهمَّ لإيران من سورية نفسها.

إنّ سائر الأطراف (إيران وإسرائيل والولايات المتحدة وسورية والحكومة اللبنانية) تحتاجُ الآن إلى وقف نارٍ مؤقت (وقفة تعبوية باصطلاح العسكريين؟!) لاختبار الخسائر والأرباح، وفوائد الذهاب للتفاوض. بيد أنّ متاعب لبنان ستزدادُ بعد وقف النار رغم ضخامتها اليوم. ومن هنا فإنّ المطلوب عربياً ودولياً جعل الحكومة اللبنانية قادرة بشتى الوسائل، من جهة للإفادة من وقف النار في تهدئة الداخل، وبسط سلطتها على كامل الأراضي اللبنانية بالجنوب ـ ومن جهة أُخرى العمل عربياً (من جانب أصدقاء لبنان وإيران) على الضغط على إيران لتغيير أسلوبها في التعامل مع الاستقرار اللبناني والاستقرار العراقي، والوحدة الوطنية في الخليج. فإذا كان النوويُّ مهماً وحيوياً للجمهورية الإسلامية؛ فإنّ الاستقرار والوحدة المجتمعية مهمان للشيعة، كما هما مهمان للسنة، في سائر أقطار المشرق العربي. السعودية تستطيع العملَ بهذا الاتجاه، وكذلك تركيا، وكذلك باكستان، وربما روسيا. إنّ بيننا وبين إيران ملفات مشتركة كثيرة للتعاون كما للابتزاز. وقد اختبرنا الجانب الثاني، ويكون علينا أن نعمل من أجل الجانب الأول. في مقابلةٍ مع الـ CNN يوم السبت 22 /7/2006 قال نبيه بري رئيس مجلس النواب اللبناني، إنه ليس هناك شيء اسمه الهلال الشيعي؛ لكنه إن كان فلن يكونَ إلاّ تحت القمر السُنّي) فلا ينبغي الاستخفاف بقدرة الشيعة العرب ـ حتى الموالين لإيران ـ على التأثير في سياساتها. إنّ حزب الله الذي سيخرجُ من المعركة الدائرة الحالية منتصراً من وجهة نظره ونظر انصاره ورُعاته في إيران وسورية؛ يملكُ أن يطلب من الإيرانيين مُراعاة الظروف، وتركه يرتب شؤونه مع اللبنانيين الآخرين بما يحفظ لبنان شعباً وعمراناً ودولة؛ أو يواجه الشيعة وليس حزب الله وحده مخاطر توريطية جمّة، منها استمرار الاستهداف الإسرائيلي للبلاد والفتنة الطائفية.

لا يستفيدُ لبنان، ولا يستفيدُ العرب، من المناطحة البادئة بين أميركا وإيران في العراق ولبنان... وسورية. فالولايات المتحدة يهمها الآن توجيه ضربات متتالية لإيران لاستنقاذ نفسها في العراق، وصون أمن إسرائيل؛ وتسهيل التفاوض مع إيران حول النووي وغير النووي. وفي خضمّ الكرّ والفرّ بين الدولتين لا تستخدم إيران سلاح حزب الله، وتبعية النظام السوري فقط؛ بل تتعمدُ أيضاً إثارة المتاعب الداخلية لعرب المشرق، وعرب الخليج، الذين تعتبرهم حلفاء وأصدقاء للولايات المتحدة. وقد اختبرنا في السنوات الخمس الماضية مدى حرص الولايات المتحدة على أمننا، وعلى استقرارنا وسيادة بلداننا، رغم المصالح الاستراتيجية التي لها عندنا ومعنا. ولهذا فمن المفيد، بل ومن الضروري اختبار إمكانية الوصول إلى مساعدة إيران للبنان في تحقيق الاستقرار والوحدة، عن طريق عدم تحويله من خلال حزب الله إلى جبهة لحماية مصالحها، ومصالح سورية. وذلك دونما حساب ولو ضئيل للنوايا الحسنة أو السيئة لأميركا تجاه لبنان والعرب.

نحن مهتمون باعتبارنا عرباً بفرصة لتحقيق المشروع العربي في التنمية والازدهار. بيد أنّ ذلك لن يكونَ سهلاً إن لم يحدث شيء إيجابي في فلسطين؛ وإن لم يهدأ فوران الدم النازف في العراق، وتنتظم أمورنا مع جوارنا الإيراني والتركي. أما لبنان فقد تحول من جديد وبفعل قتل الرئيس الحريري، والضربة الإسرائيلية المستمرة، إلى عبء على عرب المشرق. والضروري الآن للشعب اللبناني ولسائر العرب استنقاذ لبنان وشعبه واستقراره من مصائر كمصائر العراق، لا تهدد وجوده وحسْب؛ بل وأَمن الأمة العربية أيضاً.

إنّ البيان الصادر عن الديوان الملكي السعودي يضع الأمور في نصابها، لجهة معالجة الأوضاع المتفجرة بالمنطقة، بدءا بفلسطين ولبنان. يستعيد العرب زمام المبادرة، ومن طريق ذلك يبدأ الاستيعاب للمشكلات والتعاون من أجل إيجاد حلول لها.

*كاتب لبناني