صدقني: الكلاب أحسن!

TT

كان لا بد أن أذهب بنفسي إلى العيادة، الطبيب صديقي، كل الأطباء أعرفهم. وسألوني: ما المشكلة؟ قلت: لاحظت في الأيام الأخيرة أنه يعطس ويسعل. وفيما عدا ذلك سلوكه عادي جدا.. يلعب ويأكل وينام بعمق. ولكن فجأة يسعل.. وسعاله شديد لدرجة أنه يقفز من فوق الأرض.

ونظر إليه الطبيب وقلب رأسه وفتح عينيه.. وضغط على عنقه.. ثم على بطنه.. وقال: بسيطة وسيادتك تتركه في الحفظ والصون. وسوف نتولى كل شيء.

وودعته. ولكن وجدت سيدة إيطالية قابلتها في هذه العيادة عدة مرات، جلست إليها تتكلم عن التعديلات الوزارية في إيطاليا.. وذكرتني بأننا التقينا في بيت ابنة الزعيم موسوليني في مدينة تورينو أيام حملتها الانتخابية، وكيف أنني حدثتها عن صوفيا لورين وأن والدها كان من القاهرة. ولا يزال في حي شبرا بالقاهرة شارع يحمل اسم والدها: شيكولاني.. فصوفيا لورين ابنة غير شرعية، وقد غيرت اسمها واختارت اسمها الفني صوفيا لورين.. ولما أصبحت معروفة وأعطت والدها الكثير من الفلوس اعترف بها.

وحكيت لها قصتي مع نجمة السينما الإيطالية: اليانوره روسي دراجو.. وسألتني إن كان رأيي لا يزال كما هو وأنها أجمل من خلق الله. رأيتها يوم وقفت في حمام السباحة في فندق مينا هاوس وأحسست أن أبا الهول قد استدار ليرى هذه التحفة الفنية!

وقطع حوارنا الهادئ صوت التمورجي يقول: ريكو أنيس منصور.. ريكو.

أما ريكو هذا فهو كلبي. وهنا في عيادة الأطباء المصريين ينادون على الكلاب بأسماء أصحابها. ولم يضحك أحد من الحاضرين.. فهذه عادة عند الأطباء.. وسألتني: عندك أولاد؟ قلت: لا.. كلاب فقط!

وجاء صوت غليظ يقول: لوليتا السجروني! وقامت السيدة الإيطالية! لقد تزوجت مصريا قبطيا اسمه جرجس السجرون.. والكلبة اسمها: لوليتا السجروني. وجاء الطبيب واندهش من أنني ما زلت جالسا، وقد ظن أنني قد تركت العيادة. فكلبي مع الممرضين. واستأنفنا حوارنا.. وقالت: إن لوليتا صدمتها سيارة.. ولما أفلتت من تحت عجلاتها داسها أتوبيس.. والنتيجة: بقايا لوليتا.. انكسرت ساق.. وثلاثة ضلوع.. وعين واحدة.. وهي ترى بصعوبة وتسمع بصعوبة وتتحرك بصعوبة والسيدة السجرون ليس عندها أولاد.. وإنما كلاب فقط.

وأحسست بأننا تقاربنا وأحسست بدفء يدها وعينيها وقلت لها مواسيا: صدقيني الكلاب أحسن!